كتاب تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام

العصاة» (¬1) .
ولما في الصحيحين عن جابر «أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كان في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه، فقال: "ما هذا؟ " فقالوا: صائم. فقال: "ليس من البر الصيام في السفر» (¬2) .
وأما إذا تساوى الصوم والفطر بالنسبة له من حيث المشقة وعدمها، فالصوم أفضل اغتناما لشرف الزمن، ولأن صيامه مع الناس أنشط له وأسرع في براءة ذمته، ولأنه فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في بعض أسفاره.
وذهب الإمام أحمد وجماعة من أهل العلم رحمهم الله إلى أن الفطر للمسافر أفضل، وإن لم يجهده الصوم أخذا بالرخصة. {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] (¬3) وفي الحديث: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه " (¬4) ولأنه آخر
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم برقم (1114) - 90، 91. في الصيام، باب: "الصوم والفطر للمسافر" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وأخرجه البخاري بنحوه (1948) في الصوم باب: "من أفطر في السفر ليراه الناس". عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(¬2) أخرجه البخاري برقم (1946) في الصوم، باب: "قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لمن ضلل عليه واشتد عليه الحر: "ليس من البر. . . " ومسلم برقم (1115) في الصيام، باب: (الصوم والفطر في رمضان للمسافر".
(¬3) سورة البقرة، الآية: 185.
(¬4) أخرجه أحمد في المسند (2 / 108) عن ابن عمر رضي الله عنه. قال أحمد شاكر (5866) : إسناده صحيح. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (194) .

الصفحة 34