كتاب تذكرة الصوام بشيء من فضائل الصيام والقيام وما يتعلق بهما من أحكام

لنفسك عليك حقا " (¬1) . فمن حقها أن لا تضرها، مع وجود رخصة الله تعالى، وإذا أفطر لمرضه الذي يرجى زواله، قضى بعدد الأيام التي أفطرها ولا كفارة عليه.
الثانية: أن يكون المرض لا يرجى زواله، كالسل والسرطان والسكر وغيرها من الأمراض - نعوذ بالله من عضال الداء وشر الأسقام - فإذا كان الصوم يشق عليه فإنه لا يجب عليه؛ لأنه لا يستطيعه، وقد قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (¬2) بل يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه؛ لأنه ليس له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء، وفي هذا وأمثاله يقول تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (¬3) قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: ليست بمنسوخة، هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم (¬4) رواه البخاري. والمريض الذي لا يُرجى برؤه في حكم الكبير. وهذا مذهب الجمهور. قال ابن القيم رحمه الله: ولا يُصار إلى الفدية إلا عند اليأس من القضاء.
¬_________
(¬1) جزء من حديث أخرجه البخاري برقم (1974، 1975) في الصوم، باب: "حق الضيف في الصوم"، وباب: "حق الجسم في الصوم". ومسلم برقم (1159) في الصيام، باب: "النهي عن صوم الدهر لمن نضر به أو فوت به حقا. . . . " عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(¬2) سورة البقرة، الآية: 286.
(¬3) سورة البقرة، الآية: 184.
(¬4) انظر: البخاري برقم (4505) في تفسير القرآن، باب: "25".

الصفحة 36