كتاب من أعلام أهل السنة والجماعة عبد الله بن المبارك

وما نزل بلداً في رحلته لطلب العلم ثم سمع منادي الجهاد إلا تجهز وخرج للغزو.
وكان رحمه الله يدعو إلى الجهاد ويحث الناس عليه لنصرة دين الله وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا.
كما كان ينعي على النَّساك القاعدين عن الجهاد كسلهم وخمولهم وسوء فهمهم لمعنى العبادة، ومن ذلك:
ما رواه الخطيب البغدادي بإسناده- إلى ابن المبارك قال: يذم النَّاسك الذي يسكن بغداد:
أيها الناسك الذي لبس الصو ... ف وأضحى يعد في العباد
الزم الثغر والتعبد به ... ليس بغداد مسكن الزهاد
إن بغداد للملوك محل ... ومناخ للقارئ الصياد1
وروى الخطيب أيضاً بإسناده إلى عبد الله بن محمد قاضي نصيبين قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة، قال: أملى عليَّ ابنُ المبارك سنة سبع وسبعين ومائة هذه الأبيات، وكان مرابطاً بطرسوس، وأنفذها إلى الفضيل بن عياض:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ... لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه ... فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ... فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ... رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ... قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في ... أنف امرئ ودخان نار تلهب
__________
1 تاريخ بغداد: 1/ 21، ط. السلفية بالمدينة النبوية.

الصفحة 20