كتاب من أعلام أهل السنة والجماعة عبد الله بن المبارك

ما أحوجنا اليوم نحن طلبة العلم إلى هذه الوصية وهذا التوجيه الكريم من الإمام المجاهد عبد الله بن المبارك، إنه ليرسم منهجاً يجب أن يلتزم به طلبة العلم في كل حياتهم.
إن آفة الأخبار رواتها، وما أقل الثقات في رواة الأخبار في عصرنا وأخص بالذكر طلبة العلم، فهم قدوة الأمة وهم المخاطبون بوصية ابن المبارك، والمفترض فيهم التوثق، ودقة الفهم وتمحيص الأخبار والنظر فيمن يرويها: في دينه وعقله وضبطه وعدله في سيرته واتجاهه الذي يسير عليه في حياته، لكن الواقع خلاف ذلك، إذ أن مجتمع طلبة العلم اليوم أصبح في الغالب مرتعاً خصباً للأشاعات والأراجيف التي لا أساس لها من الصحة- وآفتها من مروجوها بينهم- ولا سيما تلك الإشاعات التي تتعلق بعرض أحدهم، فإنها تنتشر بينهم إنتشار النار في الهشيم أو أسرع.
وكان الأولى بطلبة العلم وعلى وجه أخص من يزعمون أنهم دعاة إلى الخير أن يلتزموا منهج المحدثين في التثبت في الرواية والتمحيص للأخبار والنظر في أحوال الرجال، فإن ذلك هو الموافق لمنهج الكتاب والسنة وهدى السلف الصالح، وهذا المنهج هو منقبة للأمة الإسلامية، وميزة لها عن سائر الأمم.
ثالثاً: مؤلفاته:
قال الإمام الذهبي: دوَّن ابن المبارك العلم في الأبواب والفقه وفي الغزو، والزهد، والرقائق وغير ذلك1.
__________
1 تذكرة الحفاظ: 1/ 275.

الصفحة 29