كتاب أسرار ترتيب القرآن - ط الاعتصام

بالخير الكثير وإتمام أمرك وأمرتك بإبطال أديانهم والبراءة من معبوداتهم فلما امتثلت أمري أنجزت لك الوعد بالفتح والنصر وكثرة الأتباع بدخول الناس في دين الله أفواجا
ولما تم أمر الدعوة والشريعة شرع في بيان ما يتعلق بأحوال القلب والباطن
وذلك أن الطالب إما أن يكون طلبه مقصورا على الدنيا فليس له إلا الذل والخسارة والهوان والمصير إلى النار وهو المراد من سورة تبت وإما أن يكون طالبا للآخرة فأعظم أحواله أن تصير نفسه كالمرآة التي تنتقش فيها صور الموجودات
وقد ثبت أن طريق الخلق في معرفة الصانع على وجهين منهم من قال أعرف الصانع ثم أتوسل بمعرفته إلى معرفة مخلوقاته وهذا هو الطريق الأشرف ومنهم من عكس وهو طريق الجمهور
ثم أنه سبحانه ختم كتابه المكرم بتلك الطريقة التي هي أشرف فبدأ بذكر صفات الله وشرح جلاله في سور الإخلاص ثم أتبعه بذكر مراتب مخلوقاته في الفلق ثم ختم بذكر مراتب النفس الإنسانيةفي الناس وعند ذلك ختم الكتاب فسبحان من أرشد العقول إلى معرفة هذه الأسرار الشريفة في كتابه المكرم هذا كلام الإمام
ثم قال في سورة الفلق سمعت بعض العارفين يقول لما شرح الله سبحانه

الصفحة 165