كتاب أسرار ترتيب القرآن - ط الاعتصام

أمر الإلهية في سورة الإخلاص ذكر هاتين السورتين عقبها في شرح مراتب الخلق على ما قال ألا له الخلق والأمر
فعالم الأمر كله خيرات محضه بريئة عن الشرور والآفات أما عالم الخلق فهو الأجسام الكثيفة والجثمانيات فلا جرم قال في المطلع قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق 1 2
ثم الأجسام إما أبدية وكلها خيرات محضه لأنها بريئة عن الاختلافات والفطور على ما قال ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور 67 3 وإما عنصرية وهي إما جمادات فهي خالية عن جميع القوى النفسانية فالظلمات فيها خالصة والأنوار عنها زائلة وهو المراد من قوله ومن شر غاسق إذا وقب 113 3 وإما نبات والقوة العادلة هي التي تزيد في الطول والعمق معا فهذه القوة النباتية كأنها تنفث في العقدة وإما حيوان وهو محل القوى التي تمنع الروح الإنسانية عن الانصباب إلى عالم الغيب والاشتغال بقدس جلال الله وهو المراد بقوله ومن شر حاسد إذا حسد
ثم إنه لم يبق من السفليات بعد هذه المرتبة سوى النفس الإنسانيه وهي المستفيدة فلا يكون مستفادا منها فلا جرم قطع هذه السورة وذكر بعدها في سورة الناس مراتب ودرجات النفس الإنسانية انتهى
ولم يبين المراتب المشار إليها وقد بينها ابن الزملكاني في أسراره فقال إضافة رب إلى الناس تؤذن بأن المراد بالناس الأطفال لأن الرب من ربه يربه وهم إلى التربية أحوج وإضافة ملك إلى الناس

الصفحة 166