كتاب أسرار ترتيب القرآن - ط الاعتصام

ومنها أنه قال في البقرة ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام 188 الآية وبسط الوعيد هنا بقوله إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة 77 الآية وصدره بقوله وإن من أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لايؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل 75
فهذه عدة مواضع وقعت في البقرة مجملة وفي آل عمران تفصيلها
الوجه الثاني أن بين هذه السورة وسورة البقرة اتحادا وتلاحما متأكدا لما تقدم من أن البقرة بمنزلة إزالة الشبهة ولهذا تكرر هنا ما يتعلق بالمقصود الذي هو بيان حقيقة الكتاب من إنزال الكتاب وتصديقه للكتب قبله والهدى إلى الصراط المستقيم وتكررت هنا آية قولوا آمنا بالله وما أنزل 136 بكمالها ولذلك أيضا ذكر في هذه ماهو تال لما ذكر في تلك أو لازم في تلك أو لازم له
فذكر هناك خلق الناس وذكر هنا تصويرهم في الأرحام وذكر هناك مبدأ خلق آدم وذكر هنا مبدأ خلق أولاده وألطف من ذلك أنه افتتح البقرة بقصة آدم حيث خلقه من غير أب ولا أم وذكر في هذه نظيره في الخلق من غير أب وهو عيسى عليه السلام ولذلك ضرب له المثل

الصفحة 86