كتاب الحسام المسلول على منتقصي أصحاب الرسول

وبالجملة كل من في قلبه مثقال ذرة من تعظيم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وحبه فمصداق ذلك تعظيم وحب كل من ينتسب إليه بقربة أو قرابة أو صحبة واتباع سنة، إذ كل ما ينتسب إلى المحبوب محبوب.
أحب لحبها السودان حتى ... أحب لحبها سود الكلاب
فمن قام من أهل البيت بحفظ حدود الشريعة المطهرة فقد تحققت فيه القربة والقرابة، وحاز فضيلة الحسب والنسب، وتوفرت فيه فضيلة الشرفين من الجهتين، ومن لم يسبق له نصيب وافر في الميراث النبوي ولكنه لم يفارق الملة الفراق الموجب للحجب بقي على ميراثه في حق القرابة وروعيت فيه حقوقها، وكذا من ارتكب معصية لا تقتضي إخراجه عن الملة لم يوجب ذلك إطراح ما له من الحقوق وتوكل إساءته وتقصيره عن الالتحاق بسلفه إلى الله إذ صلة الأرحام مأمور بها مع القطيعة والعقوق، وهو - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بذلك، إلا فيما لا بد من إجراء الأحكام وإقامة الحدود، فتراعى حرمة الشريعة حينئذ لأن حقهم إنما وجبت مراعاته لأجل صاحب الشرع، فإذا عارضه حق صاحب الشرع نفسه تلاشى كل حق دونه، وكان حق الله ورسوله أولى. ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: أحبوهم لحبي إياهم فمتى أبغضتهم فأبغضوهم، وقد علمتم شدة بغضي لمن خالف سنتي فسيروا فيهم سيرتي معهم وكونوا معي. وقال أيضا: "حتى يحبوكم لله ورسوله" أي لا للهوى فما داموا على الطريق المرضي الذي يحبه الله ورسوله وجبحبهم وإن سلكوا ما يسخط الله ورسوله وجب مراعاة حق الله لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فنحبهم لله ولرسوله، ونبغضهم لله ولرسوله. فإن الولاية الأصلية ليست إلا لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وسواهما إنما تثبت له الموالاة بهما لا غير {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}.

الصفحة 118