كتاب اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (اسم الجزء: 2)

فاشترطت خدمتها، فَذكر ذَلِك لعمر فَقَالَ: لَا تقربنها (ولأحد) فِيهَا مثنوية ". فقد أبطل ذَلِك عمر بن الْخطاب، وَتَابعه عَلَيْهِ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم ".
فَإِن قيل: روى التِّرْمِذِيّ: عَن جَابر بن عبد الله: " أَنه بَاعَ من النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بَعِيرًا وَاشْترط ظَهره إِلَى أَهله ". هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
فِي هَذَا دَلِيل على أَن البيع إِذا كَانَ فِيهِ شَرط كَانَ البيع صَحِيحا وَالشّرط صَحِيحا.
قيل لَهُ: هَذَا حَدِيث قد اخْتلفت أَلْفَاظه اخْتِلَافا كثيرا، وَفِيه مَعْنيانِ يدلان أَنه لَا حجَّة فِيهِ:
أَحدهمَا: أَن مساومة النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لجَابِر إِنَّمَا كَانَت على الْبَعِير، وَلم يشْتَرط لجَابِر فِي ذَلِك ركوبا. فَإِن فِي رِوَايَة زَكَرِيَّا عَن عَامر عَن جَابر أَنه قَالَ: " فَبِعْته واستثنيت حملانه إِلَى أَهلِي "، فَوجه هَذَا الحَدِيث أَن البيع إِنَّمَا كَانَ على مَا كَانَت عَلَيْهِ المساومة من النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، ثمَّ كَانَ الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور بعد ذَلِك، وَكَانَ مَفْصُولًا من (البيع) لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بعده، وَلَيْسَ فِي ذَلِك حجَّة تدلنا على حكم البيع كَيفَ يكون لَو كَانَ الِاسْتِثْنَاء مَشْرُوطًا فِي عقدته.

الصفحة 501