كتاب اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (اسم الجزء: 2)

قيل لَهُ: هَب أَن هَذَا يدل على أَن الِاشْتِرَاط كَانَ فِي عقدَة البيع، وَلَكِن لم يكن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] اشْتَرَاهُ حَقِيقَة، وَإِنَّمَا ساومه مساومة فَظن جَابر أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قد اشْتَرَاهُ مِنْهُ شِرَاء (باتا) يدل على ذَلِك أَن جَابِرا قَالَ: " فَلَمَّا قدمنَا أَتَيْته بالجمل وَنقد لي ثمنه، ثمَّ انصرفت فَأرْسل على أثري، فَقَالَ: مَا كنت لآخذ جملك (فَخذ جملك) فَهُوَ مَالك ". وَفِي هَذَا دَلِيل ظَاهر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن قصد شِرَاءَهُ، وَإِنَّمَا قصد بذلك (إِيصَال) الْبر إِلَى جَابر بِهَذَا الطَّرِيق. وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى الآخر.
وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا أَنه رُوِيَ أَيْضا فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث أَنه قَالَ: " فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة أتيت النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بالبعير، فَقلت: هَذَا بعيرك، فَقَالَ: لَعَلَّك ترى أَنِّي إِنَّمَا حبستك لأذهب ببعيرك يَا بِلَال أعْطه أُوقِيَّة وَخذ بعيرك فهما لَك ".
فَدلَّ ذَلِك (على) أَن ذَلِك القَوْل (الأول) لم يكن على التبايع، (فَثَبت أَن الِاشْتِرَاط الْمَذْكُور (إِن) كَانَ فِي أَصله بعد ثُبُوت هَذِه الْعلَّة لم يكن فِي هَذَا الحَدِيث حجَّة، لِأَن الْمَشْرُوط فِيهِ ذَلِك الشَّرْط لم يكن بيعا، لِأَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم يكن ملك الْبَعِير على جَابر، فَكَانَ اشْتِرَاط جَابر الرّكُوب اشتراطا فِيمَا هُوَ لَهُ ملك.
ثمَّ حَدِيث جَابر فِيهِ اخْتِلَاف كثير فِي تَقْدِير الثّمن الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَطاء وَغَيره / عَن جَابر " أَرْبَعَة دَنَانِير ". وَقَالَ دَاوُد بن قيس عَن عبيد الله بن مقسم، عَن جَابر " باربع أواقي ". وَعنهُ: " أَن

الصفحة 503