كتاب اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (اسم الجزء: 2)

" استلسف رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بكرأ، فَجَاءَتْهُ إبل من الصَّدَقَة. قَالَ أَبُو رَافع: فَأمرنِي رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن أَقْْضِي الرجل بكره، فَقلت: لم أجد فِي الْإِبِل إِلَّا جملا خيارا رباعيا، فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : أعْطه إِيَّاه فَإِن خِيَار النَّاس أحْسنهم قَضَاء ".
قيل لَهُ: يحْتَمل أَن يكون هَذَا قبل تَحْرِيم الرِّبَا، كَمَا كَانَ يجوز بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة ثمَّ نهي عَنهُ. يدل على ذَلِك مَا روى الطَّحَاوِيّ: عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أمره أَن يُجهز جَيْشًا، فنفدت الْإِبِل، فَأمره بِأَن يَأْخُذ (فِي) قلاص الصَّدَقَة، فَجعل يَأْخُذ الْبَعِير بالبعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة "، ثمَّ نهى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة، فَدخل فِي ذَلِك استقراض الْحَيَوَان.
فَإِن قيل: الْحِنْطَة لَا يجوز بيع بَعْضهَا بِبَعْض نَسِيئَة، وَيجوز قرضها، فَكَذَلِك الْحَيَوَان.
قيل لَهُ: نهي النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة، لم يكن لِاتِّفَاق النَّوْعَيْنِ، وَإِلَّا لجَاز بيع العَبْد بالبقرة نَسِيئَة، وَإِنَّمَا كَانَ لعدم وجود مثله، وَلِأَنَّهُ غير مَوْقُوف عَلَيْهِ. وَإِذا كَانَ كَذَلِك بَطل قرضه أَيْضا لِأَنَّهُ غير مَوْقُوف عَلَيْهِ.
وروى الطَّحَاوِيّ: عَن إِبْرَاهِيم (عَن) ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

الصفحة 510