كتاب قضايا الشعر المعاصر

ما ترى الأرض توجت ... هامة الهضب بالزهر
نغمة الثأر سعرت ... كبد الظلم فانفجر
فاعلاتن مستفعلن ... فاعلاتن مستفعلن1
وما عدا هذا الشكل لا أظن أن من الممكن نظم شعر حر من الخفيف اللهم إلا على حساب الموسيقي. فليس من السائغ أن يكون الضرب "فاعلاتن" مرة و"مستفعلن" مرة أخرى لأن هذا يخرج خروجًا تامًّا على قاعدة الشعر الحر التي تبيح في الضرب اجتماع التفعيلة وفروعها التي اشتقت منها "وهي التشكيلات".
4- جمع التشكيلات غير المتجانسة:
قلت في الفصل المعنون "بحور الشعر الحر وتشكيلاته" من هذا الكتاب ما نصه: لابد للشاعر أن يفهم أن لكل بحر من بحور الشعر تشكيلات مختلفة لا يمكن أن تتجاور في قصيدة واحدة. وإنما ينبغي أن تستقل كل قصيدة بتشكيلة ما وأن تمضي على ذلك لا تحيد عنه إلى آخر شطر فيها. ومضمون هذا النص أن على الشاعر أن يوحد الأضرب في قصيدته بأن يختار ضربًا واحدًا يلزمه في القصيدة كلها، فإذا كان ينظم من الكامل وبدأ بالضرب المرفل "متفاعلاتن" وجب عليه أن يحتفظ بهذا الضرب في القصيدة كلها.
والواقع أن هذه القاعدة ما زالت نافذة إلى حد ما، وهي قاعدة صحيحة غير مغلوط فيها ولكنها لا تصدق على الحالات كلها، ومن الممكن أن يخرج عليه الشاعر في شيء من الاحتراس. ولكي نتأكد من
__________
1 لا يخفى أن الوزن المضبوط هنا هو "فاعلاتن مفاعلن - فعلاتن مفاعلن" بخبن التفعيلتين ولكني أكتب للقارئ التفعيلات الأساسية قبل حصول الزحاف والعلل لكي تكون القاعدة واضحة.

الصفحة 21