كتاب قضايا الشعر المعاصر

يقرأ كثيرًا من شعره في جلسة واحدة. وقد عالج كيتس قضية الانفعال في أساليب مختلفة في شعره، على نطاق عام حينًا، تفصيلي حينًا آخر.
وأول ما يلفت نظرنا أن شخصياته في القصائد القصصية كانت كلها شخصيات مرهفة الحساسية تذهب في القدرة على الانفعال المركز إلى حدود بعيدة تكاد تصبح شاذة. وهكذا نجد أن "بورفيرو ومادلين"1 و"لاميا وليسيوس"2 و"أنديميون وسينثيا"3 و"ساترن"4 وغيرهم كانوا كلهم متوحشين في حبهم وكرههم وسخطهم ورضاهم، وقلما كانوا يعرفون الوسط. إنهم أناس يعيشون بعواطفهم ويأكلون قلوبهم.
وهكذا نجد أنديميون -في القصيدة الوحشية الجمال التي تحمل اسمه- يغرم بسينيثا غرامًا عاصفًا لا مثيل له ويترك قلبه نهبًا لكل جمال يحيط به مهما صغر، حتى يكاد يتعذب بحبه لأشياء مثل الفراشات وزنابق الماء وضربات قاطع الأخشاب في غابات "لاتموس".
أما قصيدة "لاميا" فهي تنتهي بمعانيها اللاشعورية المكتنزة إلى أن التفكير يقضي على الحياة عندما يحاول أن يقتل العاطفة: لقد كانت "لاميا" أفعى تحولت إلى فتاة جميلة بقدرة سحرية، غير أنها كانت مخلصة في حبها للطالب "ليسيوس" عاشق الشعر والفلسفة، فبنت له قصرًا مسحورًا جدرانه من الموسيقى. وفي يوم الزواج، خلال دعوة صاخبة بالعطر والموسيقى والألوان، يتدخل "أبولونيوس" أستاذ الفلسفة فيحدق في "لاميا" تحديقة ثابتة طويلة تكشف عن حقيقتها الخيالية وتهدم الجدران الموسيقية للمنزل، وإذ ذلك تصرخ "لاميا" وتتلاشي. وإلى هنا يكون الموقف غير غريب بالنسبة للقارئ فماذا في أن يهدم الواقع الملموس
__________
1 بطلا قصيدة كيتس the eve of st. agnes.
2 بطلا قصيدة كيتس lamia.
3 بطلا قصيدة endymion.
4 شخصية بارزة في قصيدة كيتس hyperion.

الصفحة 313