كتاب قضايا الشعر المعاصر

خال المهدي، حيث أتى باوزان جديدة في شعره حتى لقب بالعروضي1 وفي الوقت نفسه كانت هناك محاولات تجديد في العروض قام بها أبو العتاهية فنظم بأوزان لم تعرف قبله. إذ من المعروف أن المختصين من العرب استنبطوا ستة أوزان أخرى من مقلوب دوائر البحور التي جاء بها الخليل والأخفش وسموها: المستطيل والممتد والمتوافر والمتئد والمنسرد والمطرد.. وهي مقلوب الطويل والمديد الوافر. إلخ.. كما استحدثوا ألوانًا أخرى من الشعر بأوزان جديدة إلا أنها لا يُلْتزم فيها النطق بالحركات دائمًا، وتأتي ملحونة أحيانًا، دعوها السلسلة، والقوما، وكان وكان، والمواليا. كما حاول أبو العتاهية وآخرون الخروج على قاعدة القافية الموحدة3 وتفننوا فيها فجاءوا بما أسموه بـ "المذدوج" وهو مشطور بحر مقفى الشطرين، ثم "بالمسمط" وهو بيت مصرع بقافيتين، وأربعة أشطر بقافية موحدة يختمها الشاعر بشطر قافيته كالأولى.. ثم "المخمس" وهو يأتي بأربعة أشطر موحدة القافية تُختم بشطر قافيته تتكرر في نهاية كل مخمس.
وأمعن بعضهم في التحرر من القافية فقال أبياتًا من الشعر المرسل3.
بينما حدثت حركة في الشكل دفعت إليها الآفاق الحضارية الجديدة، قام بها شعراء الموشحات في الأندلس. وهي انطلاقة تطورية خرج بها أصحابها على سنن الشعر القديم فنوعوا الأوزان والقوافي في القصيدة الواحدة وكان لذلك أثره في كل حركة تجديد جاءت بعدها. فقد ابتدع مقدم بن معافى -من شعراء الأمير عبد الله محمد المرواني- فن الموشحات في أواخر القرن الثالث الهجري ثم قوي وانتشر على يد "أبي بكر عُبادة
__________
1الأصفهاني: الأغاني ج3–254. الخطيب: تاريخ بغداد ج8/ 436، وياقوت، الإرشاد: ج4/ 16، وبروكلمن: الأدب العربي" ج2/ 10-11.
2 بن رشيق: العمدة ج1–120 وإبراهيم أنيس: موسيقى الشعر 278.
3 لباقلاني: إعجاز القرآن – 59. والمرزباني محمد بن عمران: الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء: 19-20.

الصفحة 344