كتاب قضايا الشعر المعاصر

القزاز المتوفى سنة 422هـ"، ثم ظهر فن الزجل بلغة العامة المتحضرة، واشتهر "ابن قزمان" المتوفى سنة 555هـ، بالإبداع فيه. وسرعان ما تناقل الشعراء شرقًا وغربًا هذه الفنون وانتشرت في أوساطهم وجودوا فيها.
ثم مرت بأمة العرب قرون عجاف رزحت طوالها تحت نير الاستعباد فأصيب فكرها بالخمول ومنيت حضارتها بالانهيار، وما أن استيقظت حتى قويت واستعادت مكانتها الحضارية والفكرية، وشمل حياتها التجديد، وبخاصة حينما اطلعت على أدب الغرب فاقتبست منه وتأثرت به، فكانت أول ظاهرة تجديدية في دواوين الشعراء من مهاجري سوريا ولبنان إلى أمريكا في أوائل هذا القرن، وقرأنا لهم صنوفًا متنوعة في أفانين من الشعر أمثال: إيليا أبو ماضي، جبران خليل جبران، والشاعر القروي رشيد سليم الخوري، وشفيق المعلوف وفوزي المعلوف ونسيب عريضة وغيرهم.
وفي الوقت نفسه كانت دعوة التجديد في الشرق العربي تتردد أصداؤها في نفوس جماعة الديوان التي يتزعمها العقاد ويدعو لها زميلاه عبد الرحمن شكري وإبراهيم عبد القادر المازني من جهة، وجماعة "أبولو" التي يمثلها أحمد زكي أبو شادي وخليل مطران وأنصارهما من جهة أخرى، وشقت طريقها بخطى واسعة على يد محمد فريد أبي حديد وخليل شيبوب ومحمد مصطفى بدوي ولكن لم يخرج واحد من هؤلاء وأولئك عن نظام "الشعر المقطوعي" وإن أطلقوا عليه اسم "الشعر الحر" تارة و"الشعر المرسل" أخرى و"الشعر الحر المرسل" تارة ثالثة1معللين لذلك بعدم التزامه القافية الموحدة.
__________
1. موريه: حركات التجديد في موسيقى الشعر العربي الحديث، ترجمة سعد مصلوح ص135، ط المدني، القاهرة 1969م.

الصفحة 345