كتاب حياة محمد ورسالته

العرب الفرات بوصفه التخم الشمالي لهذه الجزيرة. وفي هذا الجزء يقع جبل سيناء حيث تلقّى موسى الوحي الالهي. ولقد كان للعماليق في عهد ما مملكة قوية هناك.
وبلاد العرب ذاتها تنقسم إلى اجزاء عديدة. منها الحجاز، وهو الأقليم الذي تقع فيه ارض «الحرم» المقدسة. و «الحرم» (الارض المحرّمة أو المقدّسة) إنما دعي بهذا الاسم لأنه كان منذ أقدم العصور موضع توقير وإجلال بالغين، وكل ضرب من ضروب القتال محظور هناك حظرا صارما. وفي نطاق هذا «الحرم» تقوم الكعبة المقدسة.
والتوراة، كتاب اليهود المقدس، يطلق على الحجاز لفظ فارانParan.
وأهم مدنه مكة، والمدينة، والطائف. وهذا الأقليم يمتد على طول البحر الأحمر على شكل شقّة مستطيلة. وجدّة وينبع هما ميناآه الرئيسيان، حيث الحجاج إلى مكة والمدينة يهبطون إلى البر على التوالي.
ويحدّ الحجاز، من ناحية الشرق، اقليم نَجد، ومن ناحية الجنوب اقليم عسير، وهو جزء من اليمن.
والاقليم الرئيسي الثاني من أقاليم بلاد العرب هو اليمن، وتقع في جنوب الجزيرة. وحضرموت والأحقاف تشكلان جزأين من هذا الأقليم. والواقع أن اليمن أخصب أقاليم بلاد العرب كلها، ومن أجل ذلك كانت أكثرها تمدنا. وحتى يوم الناس هذا، لا نزال نقع ههنا على بقايا مبان فخمة رائعة. وههنا أيضا انشئت في يوم من الايام سدود للسيطرة على ينابيع الماء المنبجسة من الجبال واصطناعها لأغراض الري.
واشهر هذه السدود سدّ مأرب الذي أشار القرآن الكريم إلى خرابه أيضا* وكانت اليمن، فوق ذلك، مركز التجارة بالمعادن، والحجارة
__________
(*) «لقد كان لسبأ في مسكنهم آية، جنتان عن يمين وشمال. كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور. فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وشيء من سدر قليل.» (السورة 34، الآية 14- 15)

الصفحة 11