كتاب حياة محمد ورسالته

مدى العسر الذي انطوى عليه تزويج المرأة المسلمة، في تلك الأيام، يتمثّل بوضوح في مسألة حفصة، وهي بنت رجل في مثل مكانة عمر ابن الخطاب ونفوذه ترمّلت [في معركة بدر] ، كما أوضحنا آنفا.
وهكذا كان تعدد الزوجات هو السبيل الأوحد لصيانة المجتمع الاسلامي، في وضعه ذاك، من وجهة النظر الاخلاقية.
ثم إن بعض الأسباب السياسية أفضت أيضا إلى زواج الرسول من بعض نسائه. فزواجه من جويرية مثلا كان نعمة عظمى على قومها.
إنه لم يضع حدا لعداوة بني المصطلق المريرة فحسب، ولكنه شدّهم إلى المسلمين برباط من الصداقة قويّ أيضا. وفوق هذا، فقد كان من النتائج المباشرة لذلك الزواج اطلاق سراح مئات الاسرى من أبناء تلك القبيلة. فهل كان غرضه من هذا الزواج شيئا آخر غير الغرض الديني؟
وكذلك كان اليهود ألدّ أعداء الاسلام في بلاد العرب. وقد حاول الرسول ان يتألّف قلوبهم أيضا من طريق البناء بامرأة من نبيلاتهم.
ولكن حقد اليهود أثبت هذه المرة أنه أقوى من أن يتأثر بأجراآت الرسول الاسترضائية. لقد أصرّوا على عداوتهم، ولم يكفّوا في أيما يوم عن انزال الأذى بالاسلام. ومع ذلك فقد بذل الرسول قصارى جهده لتألّفهم. وكانت ميمونة أرملة أيضا، وكانت تنتسب إلى قبيلة معادية، برغم ان الظروف التي قادت إلى زواجها من الرسول كانت مختلفة بعض الشيء. كانت اختها قد تزوجت العباس، عم الرسول، ومن هنا لم تكد تعرض على الرسول الزواج منها حتى وجد نفسه غير قادر على الرفض.
وفي حين كان هدف الرسول من الزواج من هذا العدد الكبير من الأرامل هو مجرد حمايتهن بضمهنّ إلى أهل بيته كان الدافع إلى زواجه من زينب [بنت جحش] مختلفا جدا. لقد رمى بذلك إلى محو لطخة العار التي تصم المرأة المطلّقة في نظر الناس. فليس من ريب في ان

الصفحة 260