كتاب عوالي هشام بن عروة وغيره لأبي الحجاج الدمشقي

32- أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الصوفي وأحمد بن محمد بن محمد المعدل ومسعود بن أبي منصور الخياط وغيرهم قالوا أنا الحسن بن أحمد ابن الحسن الحداد أنا أحمد بن عبد الله الحافظ نا عبد الله بن جعفر بن إسحاق نا محمد بن أحمد بن أبي المثنى نا جعفر بن عون نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن قوماً تكلموا في أبيها فبعثت إلى أزفلة من الناس وعلت وسادتها وأرخت ستارها ثم قالت: أبي وما أبيه أبي والله لا تعطوه الأيدي ذاك طود منيف، وظل مديد هيهات كذبت الظنون أنجح والله إذا كديتم، وسبق إذ ونيتم، سبق الجواد إذ استولى على الأمد، فتى قريش ناشئاً وكهفها كهلاً، يريش مملقها ويرأب شعبها ويلم شعثها حتى حليته قلوبها ثم استشرى في دينه فما برحت شكيمته في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجداً يحيي فيه ما أمات المبطلون وكان رحمه الله (¬1) غزير الدمعة وقيد الجوانح شجي النشيج فانقصفت عليه نسوان أهل مكة وولدانهم يسخرون منه ويستهزئون به {الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم -[393]- يعمهون} ، فأكبرت ذلك رجالات قريش فحنت قسيها وفوقت سهامها وامتثلوه غرضاً فما فلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة ومضى على سيسائه حتى إذ اضطرب (¬2) الدين بجرانه ورست أوتاده ودخل الناس فيه أفواجاً ومن كل فرقة أرسالاً وأشتاتاً اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده فلما قبض الله نبيه ضرب حبل الدين ومرج أهله وبغي العوائل، وظنت رجال أن قد أكثب نهرها ولات حين يظنون وإني والصديق بين أظهرهم فقام حاسراً مشمراً فرفع حاشيته بطيه وأقام أوده بثقافته حتى امذقر (¬3) النفاق فلما انتاش الدين فنعشه وأراح الحق على أهله وقرر (¬4) الرؤوس في كواهلها وحقن الدماء في أهبها حضرت منيته فسد ثلمته بنظيره في السيرة والمرحمة، ذاك ابن الخطاب رضي الله عنه لله در أم حملت به ودرت عليه، لقد أوحدت به فديَّخ (¬5) الكفرة وفنخها وشرد الشرك شذر مذر وبخع الأرض فبخعها حتى قاءت أكلها ترأمه ويصد عنها وتصدى له ويأباها فأروني ماذا ترتأون؟ وأي يومي أبي تنقمون أيوم إقامته إذ عدل فيكم أو يوم ظعنه إذ نظر لكم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ثم التفتت إلى الناس (¬6) وقالت: سألتكم بالله هل أنكرتم مما قلت شيئاً؟ قالوا: اللهم لا.
¬__________
(¬1) [[من المخطوط، وفي المطبوع: رحمة الله عليه]]
(¬2) [[من المخطوط، وفي المطبوع: ضرب]]
(¬3) [[من المخطوط، وفي المطبوع: اندفر]]
(¬4) [[من المخطوط، وفي المطبوع: وقرت]]
(¬5) [[من المخطوط، وفي المطبوع: لقد أوجدت به فذبح]]
(¬6) [[من المخطوط، وفي المطبوع: التفت للناس]]

الصفحة 392