كتاب تغليظ الملام على المتسرعين إلى الفتيا وتغيير الأحكام

جبل رضي الله عنه.
وروى ابن عبد البر أيضا عن زيد بن أبي حبيب: «أن عبد الملك بن مروان سأل ابن شهاب عن شيء؟ فقال له ابن شهاب: أكان هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، قال: فدعه؛ فإنه إذا كان؛ أتى الله بفرج».
وروى الحاكم في «تاريخه» عن عكرمة؛ قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: «انطلق؛ فأفت الناس، فمن سألك عمَّا يعنيه؟ فأفته، ومَن سألك عمَّا لا يعنيه؛ فلا تفته؛ فإنك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس».
وقد ذكر ابن مفلح في «الآداب الشرعية» عن الشافعي أنه احتجَّ على كراهة السؤال عن الشيء قبل وقوعه بقول الله تعالى: {يا أَيُّها الَّذين اَمنُوا لاَ تَسْأَلوا عَنْ أَشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ...} الآية، وبما جاء في حديث اللعان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها، وبما في «الصحيحين» عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
قال: وقال البيهقي في كتاب «المدخل»: «كره السلف السؤال عن المسألة قبل كونها إذا لم يكن فيها كتاب ولا سنة» انتهى.
وروى ابن عبد البر عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يقول: «إياكم وهذه العضل؛ فإنها إذا نزلت؛ بعث الله لها من يقيمها ويفسرها».
قلت: ما ذكر في هذا الفصل من كراهة السؤال عمَّا لم يقع، والنهي عنه، والتشديد فيه، قد خالفه بعض طلاب العلم في زماننا، فتجد أحدهم يجمع المسائل الكثيرة من غرائب المسائل وصعابها، ومن الأشياء التي لم

الصفحة 26