كتاب الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (اسم الجزء: 1)
200 و 284 هـ والجوهري عاش بين سنتي 332 و 393 هـ على اختلاف في ذلك، ومما لا شك فيه تقدم البندنيجي عليه في الزمن تقدما لا يقل عن مائة عام ". ويقول: " أما كتاب التقفية فإنه من الكتب المغمورة التي قل أن يرد لها ذكر في كتب اللغة، وهذا من الاسباب التي حملت كثيرا من الباحثين على الاعتقاد بأن الجوهري هو مبتكر منهج ترتيب الكلمات العربية بحسب الحرف الاخير منها " ثم يقول: " أما منهج الكتاب فقد أوضحه مؤلفه في المقدمة التي نسوق بنصها (¬1) ليتبين ذلك المنهج واضحا وهي هذه بعد البسملة مباشرة: " هذا كتاب التقفية إملاء أبي بشر، وسماه بذلك لانه مؤلف على القوافي والقافية والبيت من الشعر، ونظر في الكلام فوجده على الحروف الثمانية والعشرين المرسومة با تا ثا عليها بناء الكلام كله عربيه وفصيحه فهي محيطة بالكلام لانه ما من كلمة إلا ولها نهاية إلى حرف من الثمانية والعشرين حرفا، فأراد أن يجمع من ذلك ما قدر عليه وبلغه حفظه، إذ كان لا غنى لاحد من أهل المعرفة والادب عن معرفة ذلك، لانه يأتي في القرآن والشعر وغير ذلك من صنوف الكلام، فجمع ما قدر عليه وأدركته معرفته، ثم رأى أنه لو جمع ذلك على غير تأليف متناسق، ثم جاءت كلمة عربية يحتاج الرجل إلى معرفتها من كتابنا بعد لصعب عليه إدراكها لسعة الكلام وكثرته، فألفه تأليفا متناسقا متتابعا ليسهل على الناظر فيما يحتاج إلى معرفته. " قال: ونظرنا في نهاية الكلام فجمعنا إلى كل كلمة ما يشاكلها مما نهايتها كنهاية الاول قبلها من حروف الثمانية والعشرين، ثم جعل ذلك أبوابا على عدد الحروف، فإذا جاءت الكلمة مما يحتاج إلى معرفتها من الكتاب نظرت إلى آخرها مما هو من هذه الحروف فطلبته في ذلك الباب الذي هي منه فإنه يسهل معرفتها إن شاء الله. " وقد يأتي من كل باب من هذه الثمانية والعشرين أبواب عدة، لانا إنما ألفناه على وزن الافاعيل، فلينظر الناظر المرتاد وزن الكلمة في أي الابواب هو فإنه يدرك الذي يطلبه. " وأضفنا إلى كل كلمة من كل باب ما يشاكلها من الكلام الفصيح الذي لا يجهله العوام ليكون ذلك أجمع لما يريده المرتاد لما وصفناه. " وأول ما ابتدئ في كتابنا هذا الالف، لانها أول الحروف، وعلى ذلك جرى أمر الناس، ثم نؤلفه على تناسقه ". ونشر الجاسر بضع صفحات من الكتاب ثنتين من أوله واثنتين من آخره، وجاء بعد
¬_________
(¬1) هكذا في الاصل. وهو غلط، والصواب: بعضها.
أما تسمية هذا الكتاب، فقد اقتبسه المحققان " العطار وهارون " من الكتاب الاصيل ذاته " ترويح الارواح في تهذيب الصحاح " فأسمياه: " تهذيب الصحاح "، إلا أن المستشرق الالماني كارل بروكلمان ذكر اسم هذا المختصر " تنقيح الصحاح " وذلك في كتابه " تاريخ الادب العربي " المشهور ب ". " G. A. L ولعل بروكلمان مصيب. المنهج المتبع في تحقيق هذا " التهذيب " يمكن أن أن نجمله بالنقاط التالية: لقد حافظ فيه المحققان على نص المؤلف، دون أن يزيدا عليه، أو يحذفا منه شيئا، كما حافظا على ترتبيه، وطريقته، وأسلوبه. وكانا يعارضان ما فيه ب " الصحاح " المطبوع، والنسخة المخطوطة بمكتبة شيخ الاسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة، ومخطوطة دار الكبت المصرية. واهتما بتقييد الضبط المهمل بالنص عليه، وببيان اللغات التي وردت في الضبط. واستطاعا أن ينجياه من التفسير الدائري الذي تقع فيه كثير من المعاجم العربية، مثل " القلام " بالتشديد تفسر ب " القاقلي ". والمعاجم تفسر " القاقلي " ب " القلام " فيخرج القارئ منهما دون أن يعرف القلام أو القاقلي. كان الزنجاني يأتي إلى تفسير لفظ فيقول: " إنه معروف "، وهو في عصرنا هذا غير معروف، فيفسره ويشرحه. كذلك انصب الاهتمام على جموع المفردات، ومصادر الافعال التي أهملها المؤلف، وبيان المذكر والمؤنث، وما يستوي فيه التأنيث والتذكير، وعقد مقابلات وتنظيرات لما ورد في العامية الحجازية والنجدية والمصرية متفقا وما ورد في الفصيح، وكأنهما يريدان من ذلك أمرين: أولهما: أن يسجلا تسجيلا لغويا هذه اللغة التي ربما شردت أو ندت في عبارة بعض الكتاب المعاصرين لمعرفة مدلولها حين يتقادم بها العهد. وثانيهما: غرض علاجي، وهو التنبيه إلى وجوه العدول عن الصورة اللغوية المغلوطة إلى الصورة الفصيحة الصحيحة، وقديما صنع أسلافنا اللغويون في كتبهم ومعاجمهم ذلك بغية الاصلاح والارشاد.
الصفحة 19
2563