كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع

قَالَ أهل الْعلم أجمع هَؤُلَاءِ مخالفون لِلْقُرْآنِ يَقُول الله عز وَجل {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض أَن تحبط أَعمالكُم وَأَنْتُم لَا تشعرون}
وَمِنْهُم صنف زَعَمُوا أَن الْإِيمَان يزِيد بِزِيَادَة الْأَعْمَال دَائِما لَا مُنْتَهى لَهُ وَلَا غَايَة وَلَا ينقص بِعَمَل من أَعمال الْمُجْرمين وَلَا بترك الْفَرَائِض وركوب مَا يركب الظَّالِمُونَ
وَقد قَالَ ابْن عَبَّاس الْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام الْإِيمَان يَبْدُو لمْعَة بَيْضَاء فِي الْقلب كلما ازْدَادَ الْإِيمَان ازْدَادَ ذَلِك الْبيَاض حَتَّى إِذا اسْتكْمل الْإِيمَان ابيض الْقلب كُله وَإِن النِّفَاق يَبْدُو لمْعَة سَوْدَاء فِي الْقلب فَكلما ازْدَادَ النِّفَاق ازْدَادَ ذَلِك السوَاد فَإِذا اسْتكْمل النِّفَاق الْقلب كُله وأيم الله لَو شققتم عَن قلب مُؤمن لوجدتموه أَبيض ولوشققتم عَن قلب مُنَافِق لوجدتموه أسود
وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بَيْنَمَا الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فِي رَهْط من الحواريين إِذا بنهر جَار وحمأة مُنْتِنَة أقبل طَائِر حسن اللَّوْن يَتلون كَأَنَّمَا هُوَ الذَّهَب فَوَقع قَرِيبا مِنْهُ فانتفض فسلخ عَنهُ مسكه فبقى أحيمش فَانْطَلق إِلَى حمأة مُنْتِنَة فتمعك فِيهَا فازداد بمسحها قبحا إِلَى قبحه ونتنا إِلَى نَتنه ثمَّ انْطلق إِلَى نهر عجاج صَاف فاغتسل فِيهِ حَتَّى رَجَعَ مَكَانَهُ كَأَنَّهُ بَيْضَة مقشورة ثمَّ انْطلق يدب إِلَى مسكه فتتدرعه كَمَا كَانَ أول مرّة فَكَذَلِك عَامل الْخَطِيئَة حَتَّى يخرج من ذَنبه وَيكون فِي الْخَطَايَا

الصفحة 155