كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع

وَجَاء رجل إِلَى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ إِن فلَانا يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَ بَلغنِي أَنه قد أحدث فَإِن كَانَ قد احدث فَلَا تقْرَأ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يكون فِي هَذِه الْأمة خسف وَقذف وَذَلِكَ فِي أهل الْقدر
وَلما دخل غيلَان إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز سَأَلَهُ عَن أَمر النَّاس فَأخْبرهُ صلاحا فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وَيحك يَا غيلَان مَا هَذَا الَّذِي بَلغنِي عَنْك قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَتكَلّم فَتسمع قَالَ تكلم فَقَرَأَ {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا إِنَّا خلقنَا الْإِنْسَان من نُطْفَة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بَصيرًا إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا} فَقَالَ عمر وَيحك من هَهُنَا تَأْخُذ الْأَمر وَتَدَع بَدْء خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي عَاجل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك قَالَ إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا ثمَّ عرضهمْ على الْمَلَائِكَة فَقَالَ أنبئوني بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم قَالَ يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أنباهم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ ألم أقل لكم إِنِّي أعلم غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأعلم مَا تبدون وَمَا تكتمون فَقَالَ غيلَان وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد جئْتُك ضَالًّا فهديتني وأعمى فبصرتني وجاهلا فعلمتني وَالله لَا أَتكَلّم فِي شَيْء من هَذَا الْأَمر أبدا فَقَالَ عمر وَالله لَئِن بَلغنِي أَنَّك تَكَلَّمت فِي شَيْء مِنْهُ لأجعلنك للنَّاس أَو للْعَالمين نكالا فَلم يتَكَلَّم فِي شَيْء حَتَّى مَاتَ عمر رَحمَه الله فَلَمَّا مَاتَ عمر سَالَ فِيهِ سيل المَاء أَو سيل الْبَحْر

الصفحة 168