كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع

وَنهى الصالحون أَن يَقُول الرجل لَوْلَا كَذَا لفَعَلت كَذَا فافهموا فَإِنَّهُ من الْخَفي الَّذِي يغلط فِيهِ النَّاس
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود وَالله لقد قسم الله هَذَا الْفَيْء لهَذِهِ الْأمة على لِسَان نبيه قبل أَن يفتح فَارس وَالروم وَقَالَ أَيْضا رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ كفر بعد نبوة إِلَّا كَانَ مفتاحه تَكْذِيبًا بِالْقدرِ
وَذكر عِنْد سعيد بن الْمسيب أَن أَقْوَامًا يَقُولُونَ إِن الله قدر كل شَيْء مَا خلا الْأَعْمَال فَغَضب سعيد غَضبا شَدِيدا حَتَّى هم بِالْقيامِ ثمَّ سكن فَقَالَ تكلمُوا بِهِ أما وَالله لقد سَمِعت فيهم حَدِيثا كفاهم بِهِ شرا ويحهم لَو يعلمُونَ قيل لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد مَا هُوَ فَقَالَ حَدثنِي رَافع بن خديج أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يكون قوم من أمتِي يكفرون بِاللَّه وَبِالْقُرْآنِ وهم لَا يَشْعُرُونَ كَمَا كفرت الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَ قلت جعلت فدَاك يَا رَسُول الله وَكَيف ذَلِك قَالَ يقرونَ بِبَعْض الْقدر ويكفرون بِبَعْضِه قلت وَمَا يَقُولُونَ قَالَ يجْعَلُونَ إِبْلِيس عَدو الله شَرِيكا لله فِي خلقه وقوته ورزقه يَقُولُونَ إِن الْخَيْر من الله وَالشَّر من إِبْلِيس فيقرءون على ذَلِك كتاب الله فيكفرون بِالْقُرْآنِ بعد الْإِيمَان والمعرفة فَمَاذَا تلقى أمتِي مِنْهُم من الْعَدَاوَة والبغضاء والجدل أُولَئِكَ زنادقة هَذِه الْأمة فِي زمانهم ثمَّ يكون ظلم السُّلْطَان فياله من ظلم وحيف وأثرة ثمَّ يبْعَث الله عز وَجل عَلَيْهِم طاعونا فيفنى عامتهم ثمَّ يكون الْخَسْف فَمَا أقل من ينجو مِنْهُم الْمُؤمن يَوْمئِذٍ قَلِيل فرحه شَدِيد غمه ثمَّ يكون المسخ فيمسخ الله عَامَّة أُولَئِكَ قردة وَخَنَازِير ثمَّ يخرج الدَّجَّال على أثر ذَلِك قَرِيبا
ثمَّ بَكَى رَسُول الله فبكينا لبكائه وَقُلْنَا مَا يبكيك يَا رَسُول الله قَالَ رَحْمَة لَهُم الأشقياء لِأَن فيهم المتعبد وَفِيهِمْ المتهجد مَعَ أَنهم لَيْسُوا بِأول من سبق إِلَى هَذَا القَوْل وضاق بِحمْلِهِ ذرعا إِن عَامَّة من هلك من بني إِسْرَائِيل بالتكذيب بِالْقدرِ

الصفحة 169