كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع

وَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي رجلَانِ أَحدهمَا وهب وهب الله لَهُ الْحِكْمَة وَالْآخر غيلَان فتْنَة على هَذِه الْأمة أَشد من فتْنَة الشَّيْطَان وَسَأَلت عَائِشَة رَحْمَة الله عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ولدان الْمُسلمين أَيْن هم يَوْم الْقِيَامَة قَالَ فِي الْجنَّة يَا عَائِشَة فَقَالَت لَهُ مجيبة يَا رَسُول الله لم يدركوا الْأَعْمَال وَلم تجر عَلَيْهِم الأقلام قَالَ رَبك اعْلَم بِمَا كَانُوا عاملين وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن شِئْت لأسمعتك تضاغينهم فِي النَّار
وَمن الْقَدَرِيَّة صنف يُقَال لَهُم المفوضة زَعَمُوا أَنهم موكلون إِلَى أنفسهم إِنَّهُم إِنَّهُم يقدرُونَ على الْخَيْر كُله بالتفويض الَّذِي يذكرُونَ دون توفيق الله وهداه تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا وَالله جلّ من قَائِل يَقُول وَمَا تشاؤن إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين مَعْنَاهُ من خير إِلَّا أَن يَشَاء الله لكم وَقَول جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي لأرسل فِي الْأَمر فاجد الْكَوْن قد سبقني إِلَيْهِ
وَمِنْهُم صنف زَعَمُوا أَن الله عز وَجل جعل إِلَيْهِم الِاسْتِطَاعَة تَاما كَامِلا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَن يزدادوا فِيهِ فاستطاعوا أَن يُؤمنُوا وَأَن يكفروا ويأكلوا ويشربوا ويقوموا ويقعدوا ويرقدوا ويستيقظوا وَأَن يعملوا مَا أَرَادوا وَزَعَمُوا أَن الْعباد كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَن يُؤمنُوا وَلَوْلَا ذَلِك مَا عذبهم على مَالا يَسْتَطِيعُونَ إِلَيْهِ
وَعَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله إكذابا لَهُم {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} يَقُول من شَاءَ لَهُ الْإِيمَان آمن وَمن شَاءَ لَهُ الْكفْر كفر وَهُوَ

الصفحة 174