كتاب أصول الوصول إلى الله تعالى

القيامة , لذلك فان مفتاح الرغبة فى الاخرة الزهد فى الدنيا , فالذى تحب ان يكون معك فى قبرك من هذه الدنيا فاعمله.
اقول لكم شيئا جميلا: الذى يريد ان يكون قبره " مكيفا " , " يكيف " لنا هذا المسجد .. الذى يريد لمبة نور فى قبره يتصدق على الفقراء بلمبة كهرباء .. الذى يريد ان ياكل ويشرب فى قبره يطعم اليوم خمسين مسكينا .. شغل جوارحك فى طاعة الله .. المصنع الذى وهبه الله لك , شغله فى انتاج الحسنات , ولا تشغل نفسك بجمع الدنيا .. فالدنيا لن تنفعك , ولن ينفعك ما فيها الا العمل الصالح , فازهدها ترغب فى الاخرة.
اخى فى الله , والله الذى لا اله غيره ولا رب سواه , لن تستقيم لك رغبة فى الاخرة الا بالزهد فى الدنيا .. اللهم انا نعوذ بك من الدنيا.
ابو طلحة الانصارى رضى الله عنه كان له بستان من نخيل واعناب , لم تعرف المدينة بستانا اعظم منه شجرا , ولا اطيب ثمرا , ولا اعزب ماء .. وفى ما كان ابوطلحة يصلى تحت افيائه الظليلة , اثار انتباهه طائر غرد اخضر اللون احمر المنقار مخضب الرجلين .. وقد جعل يتواثب على اسنان الاشجار ظربا مغردا متراقصا .. فاعجبه منظره , وسبح بفكره معه .. ثم ما لبث ان رجع الى نفسه , فاذ هو لا يذكر كم صلى؟: ركعتين؟ ثلاثا؟ .. لا يدرى .. فما ان فرغ من صلاته , حتى غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وشكا له نفسه التى صرفها البستان وشجره الوارف , وطيره الغرد

الصفحة 218