كتاب أصول الوصول إلى الله تعالى

لا تخفى عليه خافية فى أقطار مملكته , عالما بما فى نفوس عبيده , مطلعا على أسرارهم وعلانيتهم , منفردا بتدبير المملكة , يسمع ويرى , ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب. ويكرم ويهين , ويخلق ويرزق ويميت , ويقدر ويقضى ويدبر. الامور نازلة من عنده , دقيقها وجليلها , وصاعدة إليه لا تتحرك فى الكون ذرة الا بإذنه , ولا تسقط ورقة الا بعلمه.
فتأمل كيف تجده يثنى على نفسه ويمجد نفسه , ويحمد نفسه , وينصح عباده , ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه , ويحذرهم مما فيه هلاكهم , ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته , ويتحبب إليهم بنعمه والآئه. فيذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها , ويحذرهم من نقمه ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه , وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه .. ويخبرهم بصنعه فى أوليائه وأعدائه وكيف كان عاقبة هؤلاء وهؤلاء.
ويثنى على أوليائه بصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم , ويذم أعداءه بسيىء أعمالهم وقبيح صفاتهم , ويضرب الامثال وينوع الادلة والبراهين , ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الاجوبة , ويصدق الصادق ويكذب الكاذب , ويقول الحق ويهدى السبيل.
ويدعو إلى دار السلام , ويذكر أوصافها وحسنها ونعيمها , ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها وقبحها وآلامها , ويذكر عباده فقرهم إليه وشدة حاجتهم إليه من كل وجه , وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين , ويذكر غناه عنهم وعن جميع الموجودات , وأنه الغنى بنفسه عن كل ما سواه , وكل

الصفحة 233