كتاب أصول الوصول إلى الله تعالى

والله - يا إخوتاه - إن للمناجاة فى جوف الليل لذة لا تضاهيها لذات الدنيا بأسرها .. أن تنادى ربك - سبحانه وتعالى - حينما تقف بين يديه فى ذل وخشوع وانكسار وهيبة لتقول دعاء الاستفتاح:
" وجهت وجهى للذى فطر السماوات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين .. " قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " (الأنعام: 162 - 163).
صل وأسمع نفسك التلاوة .. فى غرفتك .. فى الشرفة .. فوق السطوح .. أو فى المسجد تحت البيت عندكم .. ستحس أنك تكلم الله .. تناديه .. تناجيه .. تشعر بأن هناك سرا بينك وبينه .. ستحس بوجود علاقة .. علاقة ود وحب وقرب .. ما أجمله من لقاء .. ما أعظمه من وقوف .. وأبهاه من حديث .. إنه لقاء مع الملك .. الرحمن .. حين تستشعر ذلك الموقف وأنك مع الله .. سيفيض عليك ساعتها بالرحمات .. فتضرع بالأسحار , فهذا الوقت غال لا تعوضه أموال الدنيا .. تضرع لتحمى قلبك , عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين , ومن قام بمئة آية كتب من القانتين , ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين " [صححه الألبانى] .. والمقنطرون: هم من كتب لهم قنطار من الاجر , والقنطار - كما جاء فى حديث فضالة بن عبيد وتميم الدارى عند الطبرانى -: " خير من الدنيا وما فيها ".

الصفحة 235