كتاب أصول الوصول إلى الله تعالى

على الشوك , قال الله:
" ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (الطلاق: 3).
ويتحدث ابن القيم عن حقيقة التوكل فى إحدى درجاته العالية فيقول:
" اعتماد القلب على الله , واستناده إليه , وسكونه إليه. بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويش الاسباب , ولا سكون إليها , بل يخلع السكون إليها من قلبه , ويلبسه السكون إلى مسببها.
وعلامة هذا: أنه لا يبالى بإقبالها وإدبارها , ولا يضطرب قلبه ولا يخفق عند إدبار ما يحب منها وإقبال ما يكره , لأن اعتماده على الله , وسكونه إليه , واستناده إليه , قد حصنه من خوفها ورجائها , فحاله حال من خرج عليه عدو عظيم لا طاقة له به , فرأى حصنا مفتوحا , فأدخله ربه إليه وأغلق عليه باب الحصن , فهو يشاهد عدوه خارج الحصن , فاضطراب قلبه وخوفه من عدوه فى هذه الحال لا معنى له.
وقد مثل ذلك بحال الطفل الرضيع فى اعتماده , وسكونه , وطمأنينته بثدى أمه لا يعرف غيره , وليس فى قلبه التفات إلى غيره , كما قال بعض العارفين: المتوكل كالطفل , لا يعرف شيئا يأوى إليه إلا ثدى أمه , كذلك المتوكل لا يأوى إلا إلى ربه سبحانه ".
إذا فلقاح التقوى التوكل , فلابد للمتقى من صدق التوكل على الله وإلا فهى حذر مجرد دون نية صالحة , فيقع فى المحذور وهو أتقى ما يكون , فتجد هذا المغبون الذى فقد التوكل مع التقوى رغم تحريه

الصفحة 245