كتاب مشكلة الثقافة

لخلق فكرة ثقافة سيطرة، وهي لا تستطيع ذلك حتى ولو كانت طبيعتها تدفعها في هذا الاتجاه.
يكفي هذا من وجهة موضوعية.
ويمكن أن يضاف إلى ذلك، أن الإنسان الإفريقي في المرحلة الحاضرة من تطوره، لا يستطيع أن يدعي دور الموجه للإنسان المتحضر، ليرفعه إلى مستوى (الأخلاق الإنسانية).
ثم إن هذا الإنسان المتحضر كبير بشكل يستطيع معه أن يتخبط وحيداً في مشاكله، وينبغي أن نترك له بمحض وسائله أن يرتبط بهذه المبادئ أو يتخلى عنها.
إننا إذا أخذنا الأمور بموضوعية، فهذه فلسفة مقبولة، ومع ذلك فإننا نشعر بمدى أي ضيق في الأفق، وعزلة عن العالم الخارجي، ستقود إليهما ثقافة إفريقية كهذه، تضع مثل هذه الفلسفة.
وإذا ما اندفعنا قليلاً في الاستسلام لهذا النوع من الموضوعية، وأوغلنا فيه دفعة واحدة، فذلك لن يكون سبباً في عزل هذه الثقافة عن الترفع والمثالية وروح الشعر، وسد آفاقها على العالم، وتبديد جميع تطلعاتها الكونية فحسب، ولكنه الانطواء في نفسها على العدم.
فإذا ما تخلت ثقافة أو قصرت عن رفع المستوى الاجتماعي للفرد، إذا ما أخفقت في أعمالها اليومية وذلك محكها الأخير، فإنها لن تكون ثقافة. إنها ستسقط في المعنى الأدق للكلمة في وهدة (لا ثقافة)، وستتمتع في هذا النطاق بقليل من الغرابة أو كثير، وقد تصطبغ بلون محلي أو توشيها مباهج الفولوكلور.

الصفحة 133