كتاب مشكلة الثقافة

هذه هي وظيفتها الاجماعية الأساسية. ولن نتلهى بإضاعة الوقت في إيجاد تعريف لمفهوم الثقافة.
وجواب (هوريو) العفوي قد يكون كافياً حينما قال: ((الثقافة: إنها ذلك الذي نحتفظ به حينما ننسى ما تعلمناه)). لكن اختصاصياً كالأمريكي (هوركوفيست) تردد وهو يعطي لها تعريفاً، فأعطى لها تعاريف ثلاثة سماها (المتناقضات الظاهرة) من أجل أن يحيط بدلاً من أن يحدد لها تعريفاً منهجياً أفلت منه.
ومن أجل أن نتفادى الأفكار المسبقة، يمكن لنا أن نلجأ هنا إلى تلك الطريقة في المعالجة، بأن نتتبع المسائل التي ترد إلى الفكر من خلال المصالح المحورية، التي نحتاج أن نوليها أهمية معينة في البلاد الإفريقية، في هذه المرحلة من تطورها.
وهكذا فإن من حقنا في بلد متخلف، أن نصب معظم اهتماماتنا على الجانب الاقتصادي، ويمكن لنا وكيفما اتفق أن نعدد بعض القيم في هذا الإطار: الإنتاج، التسليف، العمل، الاستهلاك، العقد، الأمانة التجارية، الدقة، التنظيم، الادخار، المبادلة، أمن الأموال ... إلخ.
ها نحن أولاء أمام جدول من المصالح المحورية، وارتباطها بعيشنا اليومي لا يخفى على أحد، وكل القيم الاقتصادية التي حددناها، لا تستطيع أن تُحقق دورها وأن تمارسه بصورة فعلية، في مخطط تنمية إفريقي، على سبيل المثال، دون بعض شروط تكيف تتعلق بالإنسان الإفريقي نفسه.
من الطبيعي أن هذه الضوابط ليست تعريفاً للثقافة، ولكنها تشكل أحد جوانبها الأساسية، إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية المشاكل الاقتصادية أي المشكلات الأهم في إفريقيا.

الصفحة 135