كتاب مشكلة الثقافة

وعلى ضوء ذلك سنستطيع القول: إن معالجة الموضوع من هذه الناحية تتناول تعريفاً جزئياً للثقافة. ويمكن لنا أن نوسع إطارها لتشكل مواضيع أخرى:
الرياضة، بناء المدن، الفن .... إلخ، مثلاً، فإذا طبقنا مثل هذه الطريقة على تجربة الإفريقي الذي عاش في كلا المجتمعين: في العالم المتطور والعالم الثالث، فإن هذه الملاحظات ستتناول بالضرورة ذلك المظهر المزدوج للأشياء، إذ سيشاهد (العمل، الدقة، التنظيم، الادخار) من ناحية، ومن ناحية أخرى (عدم الفعالية، الغموض، التسيب، الإسراف). فإذا زان الأمر بالمعيار الثقافي وجد نفسه منساقاً إلى الحديث عن ثقافتين: ثقافة تنتج أسباب التقدم والتنمية، وتلك التي تخلق الشروط النفسية والاجتماعية لما هو التخلف.
وهكذا فإن وحدة مفهوم كفهوم الثقافة، له مثل هذه الأهمية التاريخية الكبرى، ستكون معرضة للخطر بطريقة فريدة إذا ما أعطيناها هذين الوجهين: وجهاً يمثل التنمية، وآخر يمثل ما دون التنمية.
من هنا نستطيع الجزم بأنه لا توجد ثقافة للتخلف، ومن أجل صفاء أكبر ولوضع أعلى درجات الوضوح لأفكارنا، فإنه من الجائز الحديث عن ثقافة في حالة، وفي حالة أخرى، ودون أن نكون منحازين عن (اللاثقافة)، شريطة أن نضع لهذه الكلمة محتوى اجماعياً صالحاً.
ونقول عن (لاثقافتنا) إنها ذلك المستوى الاجتماعي التاريخي، الذي لا بد أن ننطلق منه لنبني ثقافة تتمتع بالأصالة والعالمية في آن معاً.
هذا هو الرأسمال الأولي، وفي حالتنا هذه فإن مثل هذا الرأسمال، لا يستهان به من أجل أن يوظف في إطار برنامج ثقافة.
فهناك طهارة إفريقيا الأخلاقية، وجماع حماستها للخير والجمال، ونقاء

الصفحة 136