كتاب من أجل التغيير

وينتج عن هذا أن كل ما يؤدي إلى الاختزال، أو المزيد من التعتيم بين الأفكار والأحداث، لابد من مراقبته بكثير من اليقظة والحذر. وهذه الاعتبارات هي التي تملي علينا دائما، وتحدد موقفنا من مؤسسة " ... " التي ليس من شأنها إلا أن تلقى مزيدا من التعتيم، على تلك الصلة التي نتحدث عنها هنا.
من ناحية أخرى، فإنه من غير المفيد أن نبني هنا مناقشة حول أولوية مستقبل فلسفة العالم، أو مستفبل عالم الفلسفة، والذي هو الخلاف الرئيسي بين ماركس وهيجل.
لندع هذه المشكلة جانبا، آخذين بعين الاعتبار الأمور من مجرد وجهة نظر اجتماعية، لنرى بأن كل اطراد تاريخي، إنما هو اختصار لذلك الخطر المزدوج المحدد بالمبدأ الذي نعمد إلى تحليله.
الماركسية مثلا: إنها منهج أفكار رأى النور في الواقع الاجتماعي لأوروبا في بداية القرن التاسع عشر. إنها ساعة مستقبل فلسفي لعالم ما.
لكننا إذا نظرنا إلى الحاضر، يبدو لنا الوجه الآخر: مستقبل عالم الفلسفة، الذي ظهر لأعيننا عبر القرن العشرين؛ وفي الواقع الاجتماعي ل بعض البلاد الاشتراكية في مرحلة تطورها الحالي.
ليس هذا إلا مثلا بينما الحدث عام. ونحن نراه بارزا في تطور المجتمع الغربي انطلاقا من أصوله المسيحية.
وقد أوجزه لنا بالخصوص في اطراد الثورات حين قال "من الإنجيل إلى العقد الاجتماعي فالكتب (الأفكار) تصنع الثورات".
فهناك في الواقع علاقة جدلية بين الأفكار والأحداث الاجتماعية والسياسية في كافة مراحل التاريخ.

الصفحة 13