كتاب من أجل التغيير

- حسنا. قل لي ما ينبغي أن نفعل لنصبح كذلك، وسأفعل ما تمليه علي.
هنا .. أخرج الحاج الإفريقي من ثوب الإحرام صرة حوت رزمة من الريالات السعودية، وقال له:
- هذه دراهمي .. ضع دراهمك التي معك فوقها ونتقاسمها مناصفة ... المهندس محدثنا بقي لبرهة مشدوها ...
وقد أوضح لنا:
- ليس لأنني شككت ولو للحظة في مصداقيته وعفويته ..
ثم أطرق مضيفنا بعيون حالمة، كمن يستجمع شتات ذكرياته .. وتابع:
- ولكني خفت أن يشك هو نفسه بمصداقيتي. فأنا في ذلك اليوم بالذات، وكما هو شأني في كل مرة أطوف فيها، لم أحمل معي غير دراهم من الحجم الصغير من أجل الفقراء، ومن الممكن أن يظن بأني أخفي دراهمي حتى لا أتقاسمها معه.
لست أخفي على القارئ ... فقد بدأت القصة تأخذ من نفسي إثارتها، وهكذا تعلقت عيناي بشفتي الراوي الذي تابع يقول:
-لكن الحاج الإفريقي أصر علي بشدة، فيما كان أولاده يرمقونني بنظرات الحنان، ولم أجد بدا من أن أخرج من حافظتي تلك الدراهم القليلة قائلا له:
- هذا كل ما معي ..
وبدت رؤيا حالمة مرت أمام عيني محدثنا ثم استرسل:
- الحاج الإفريقي أخذ دراهمي، وخلطها بدراهمه، وقسمها جميعها بكل دقة قسمين، ثم أعطاني نصيبي. وشدني إلى صدر قوي البنية وقال لي ببساطة:
- الآن أنت أخي.

الصفحة 95