كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
مفعولها تلقائياً في الوقت المناسب، على طريقة القنبلة الزمنية التي تنفجر في وقت معين، أي عندما يأتي بعده صاحب الكتاب.
ومما يجب ملاحظته، على الأقل بالنسبة للعاصمة العربية هو أن (العروة الوثقى) مهدت لهذه المقدمة النفسية، حينما أشارت إلى ((الكاتب الفرنسي الذي اعتنق الإسلام)) كما بينا ذلك في فصل سابق.
وهكذا يتم تركيب لمرآة كف بجميع شروطها، ليكون فيها كتاب معين، موضوع الإلقاء للدوافع الحرمانية، ويكون الصحفي مصدراً أول لهذه الدوافع، وهو يشعر بذلك، بينما يكون صاحب الكتاب نفسه، ومن حيث لا يشعر، مصدراً آخر. أو إذا ما استخدمنا لغة بافلوف، يكون شخصه بمثابة المثير الشرطي- بما أن زيارته كانت تحركاً تلقائياً- لآلية انعكاس الكف الخفي الذي خلقته زيارة الصحفي.
ولسنا هنا نبحث القضية من جانب واحد، هو جانب الأفعال المنعكسة الشرطية التي تلقيها مرآة الكف على فكرة معينة.
ومع ذلك فمن الممكن أن تحدث للفكرة وهي في طريقها على خط طنجة - جاكرتا، انعكاسات أخرى لا صلة لها بالصحفي، تنتجها مصادر أخرى مزمنة ليست موضوع هذا العرض، الذي نخصصه للمرآة ووظيفتها في الصراع الفكري، لنبين كيف أن تركيبها يتنوع بالنسبة للموضوع الواحد، وبالنسبة للفكرة الواحدة، تبعاً للظروف، كما بينا ذلك في الفصول السابقة.
فلو أننا راجعنا ذكرياتنا في مدى ربع قرن مثلاً أو يزيد، سيبدو لنا هذا التوزيع في خطط الاستعمار بكل وضوح، مع محافظته على المبادئ التي حللناها فيما سبق.
فيمكننا مثلاً أن نقف حوالي عام 1939 عند فكرة (الوهابية)، لأنه كان لها
الصفحة 118
128