كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة

دوي في الغرب، لا تعرف البلاد العربية مداه، لأننا بحكم تطورنا الاجتماعي لم ندخل بعد إلى عالم الأفكار، فلا ندرك قيمتها حتى تعكسها لنا مرآة الغرب، وليس طبعاً من مصلحة الغرب أن يعكس لنا الأفكار التي يريد تحطيمها.
وفكرة (الوهابية) قبل عام 1939 كانت تبدو للاستعمار ممتلئة بالمخاوف، لأنها كانت تمثل في نظره مركز الثقل في الصراع الفكري في البلاد العربية الإسلامية، وكان دوماً يفكر في وسائل التخلص منها حتى خلصه منها فعلاً البترول.
فاستخدمت إنجلترا وسائل القوة لتحطيم عبد العزيز: حاولت أن تؤلب عليه خصوم ملكه، مثل ابن رفادة والدرويش، كي تمتص قواته الفتية بثورات متكررة.
غير أنها كانت تحاول أولاً وقبل كل شيء أن تحطم الفكرة ذاتها التي قام عليها هذا الملك، وتأسست عليها الدولة السعودية الفتية، فكانت تطبق من أجل ذلك خطة يمكن أن نسميها (خطة المحامي المورّط)، الذي يورِّط موكله بدعوى أنه يقوم بالدفاع عنه.
فكان من يتحدث باسم الحكومة في لندن، لا يترك فرصة تمر دون أن يذكر بحرارة الصداقة العظيمة التي تكنها إنجلترا لابن سعود، مثل الفكرة الوهابية التي أنهت دورها بوصفها (فكرة مجردة) حوالي عام 1925، وبدأت دورها الجديد (فكرة مجسدة) منذ ذلك العهد، أي منذ تأسيس الدولة السعودية في حدودها الحالية ...
حتى إن الملك العربي أصدر (حوالي عام 1933) في نداء وجهه للعالم، كعادته بمناسبة الحج، تصحيحاً ذا مغزى في هذا الصدد.
وإذا كانت طريقة (المحامي المورّط) مستخدمة من ناحية في ميدان

الصفحة 119