كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
باندونج من يقوم بالدفاع عنه بكيفية ما وفي ظروف معينة، حتى يكون لدفاعه الأثر المورِّط للكتاب (¬1) في بعض الأوساط الدبلوماسية التي كان من المتوقع أن تهتم به.
وليس موضوعنا عندما يقع هذا، أن نعلق على نضج هذه الأوساط، ولكن يجب أن نعلم كيف يستخف بها الاستعمار فيطبق عليها ما يطبقه في الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة، أي في البلاد التي تتفق على أن الناس فيها لا يدرسون الأفكار من خلال تأمل شخصي مباشر، بل من خلال الانعكاسات التي يلقيها عليها (محام مورِّط) أو في الصورة التي تعكسها لنا (مرآة حرمان).
وقوة الاستعمار في هذه الحال، هو أن يطبق طرقاً بسيطة كشفت تجارب بافلوف، عن صلتها بالتركيب النفسي عند الأفراد وهمَّ (جوبلز) بتطبيقها العلمي في ميدان السياسة في عهد هتلر.
وإنما الفرق بين الاستعمار وبافلوف، هو أن الكائنات التي يجري عليها العالم الروسي تجاربه كانت حيوانات صغيرة مثل الكلاب والفئران، بينما الاستعمار يجريها على علماء ودبلوماسيين ورجال سياسة إلخ ..
ويجب أن نعلم أن فن بافلوف يطبق في كل وسط إنساني لم يتم نضجه الفكري، أو لم تتخذ في توجيه ثقافته الاحتياطات اللازمة ضد الانحراف الذهني.
ومن أخطر وجوه هذا الانحراف ما أطلقنا عليه اسم (الذرية).
فأي إنسان لا يحكم على الأمور بناء على تفكير شخصي مباشر، يتعرض لأن يصدر أحكامه طبقاً لما يتلقاه عن هذا الواقع بطريق الإيحاء، لا طبقاً لما في
¬__________
(¬1) يرى المؤلف أنه في غنى عن ذكر التفاصيل الواقعية التي تفسر هذا المعنى: وإلا أوردنا لكل سطر من هذا البحث قصة تشرحه.
الصفحة 122
128