كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
فالكائن الحي كائن كما هو، وإن أضيف إليه شيء أو بتر منه شيء، فإنه لا يبقى ذلك الكائن.
وهذه الحقيقة تطبق على الأفكار بوصفها كائنات حية، ويمكننا الآن أن نلقي هذه الاعتبارات على كيان الأفكار: فلو أننا قدرنا أن فكرة ما تبلورت في شعار معين ذي تركيب ثنائي، نشير إلى عنصريه بحرفي (أ) و (ب)، فإنه يمكننا أن نضع له معادلة تعبر عن وحدته العضوية وعن ذاتيته هكذا:
شعار = أ + ب
وبما أن الفكرة مرتبطة بهذا الشعار بربط عضوي، يمكننا أن نعبر عنها بالمعادلة نفسها هكذا:
فكرة = أ + ب
ولنفترض الآن أننا أخذنا العنصر (أ) وأدخلناه في تركيب جديد إدخالاً يكون معه بجانب عنصر جديد ذي شبهة هو (ت) مثلاً، وبذلك نستطيع أن نرمز إلى هذه العلاقة الجديدة بالمعادلة الآتية:
تركيب جديد = أ + ت
ولما كان هذا التركيب يتضمن خصائص العنصرين اللذين يكونانه، فإنه ينطوي ضرورة على كل الآثار النفسية التي يحملها العضو المشبوه فيه (ت) ويعكسها على كل أجزائه، أي على (أ) بالذات، وهكذا يصبح هذا العنصر مشتبهاً به، بحكم علاقته الجديدة فيحيل نوعاً من العدوى النفسية إلى التركيب الأول: (أ + ب)، وهكذا يصل الاستعمار عن طريق علاقات مصطنعة كالتي وضحناها هنا، وبعد سلسلة معينة من الانعكاسات المشروطة إلى المساس بالفكرة التي يريد إصابتها، إذ يصلها الإشعاع النفسي المقصود عن طريق شعارها ومنطوقها.
الصفحة 126
128