كتاب الصراع الفكري في البلاد المستعمرة
وهذه الكيمياء الخاصة ليست جديدة إلا من الناحية النظرية، لأن علم النفس وعلم النفس التجريبي منذ بافلوف، خاصة، هو الذي حدد قواعدها، وأما من الناحية العملية فهي قديمة، نجد أثرها في وقائع كثيرة من التاريخ الإسلامي مثلاً، فمنذ المراحل الأولى من هذا التاريخ نجد أحداثاً سياسية هامة تفسر على ضوء هذه الكيمياء.
هذه الاعتبارات تتصل بحياة الأفكار من الناحية النفسية، وتعبر عن تأثير العلاقات في تحديد الدور الذي تقوم به الأفكار بوصفها مجموعة معينة، أي طبقاً لعلاقاتها في نطاق دائرة أو في اطراد.
ولكن هناك اعتبارات أخرى، يمكن أن نسميها اعتبارات جبرية، تتصل بدور الأفكار بصفتها أفراداً مستقلة.
إن لكل فكرة كياناً مستقلاً، ووحدة قائمة بذاتها، تؤثر بقدر ما تبقى محتفظة بوحدتها، باعتبارها قيمة منطقية يمكن التعبير عنها طبقاً لقواعد رياضية خاصة بالأفكار.
إن لكل فكرة (ف) قيمة معطاة هي (كـ) مثلاً، وهذا الفرض يمكن أن يكتب كما في الحال في علم الجبر:
ف = كـ
وهذه العلاقة تعبر عن القيمة الرياضية للفكرة، ولكن لرياضة الأفكار قواعد خاصة، فإذا كانت القيمة العددية في الرياضة العادية يمكن أن تزداد بجمعها إلى أخرى، فإن القيمة الخاصة بفكرة تنقص عموماً بمجرد أن نضيف لها قيمة أخرى، حتى لو كانت القيمة المضافة إيجابية:
ت > (أكبر من) صفر
الصفحة 127
128