كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

دأود ["492"] ، والترمذي ["317"] ، وابن ماجة ["745"] ، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" وأخرج مسلم ["23/532"] ، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" وورد في الحمام غير حديث ابن عمر المشتمل على السبعة المواطن وهو حديث أبي سعيد المذكور قبل هذا.
وورد في أعطان الإبل ما أخرجه أحمد ["2/491"] ، والترمذي ["348"] ، وصححه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل".
وكان على المصنف ومن تابعه أن يذكروا مع القبر والطريق بقية تلك المواطن السبعة.
قوله: "ومنزل غصب إلا لملجىء ولا أرض هو غاصبها".
أقول: قد أغنى عن هذا قوله: "وإباحة ما يقل مساجده" فإنه يفيد المنع من الصلاة في المنزل الغصب وفي الأرض الغصب ولا وجه لتقييد أرض الغصب بكون المصلي هو غاصبها فلا فرق أن يغصبها هو أو يغصبها غيره لأن جميع ذلك غير مباح للمصلي ولا حلال له.
وأما جواز الصلاة في الأرض التي يظن إذن مالكها فليس بصحيح لأن الظن لا يحلل مال الغير ولا يجوز به استعماله.
قوله: "وتكره على تمثال حيوان كامل".
أقول: قد وردت الأدلة الصحيحة القاضية بتحريم التصوير والنهي عنه وشدة الوعيد عليه وورد ما يدل على تغييره وعدم تركه في البيوت ومن ترك ذلك فقد ترك ما عليه من إنكار المنكر ولزمه من الإثم ما يلزم تارك المنكر وأما الصلاة عليه أو في المكان الذي هو فيه فلم يأتنا الشارع في ذلك بشيء ولعله وجه استثناء ما تحت القدم ما أخرجه أبو دأود والترمذي من حديث أبي هريرة "أن جبريل عليه السلام أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل من القرام الذي في بيت عائشة وسادتين توطآن" [أحمد "2/305" و 478"،أبو دأود "4158"، الترمذي "2807"] .
قوله: "وبين المقابر"
أقول: قد قدمنا الأدلة الصحيحة القاضية بالنهي عن الصلاة إلي القبر والنهي عن الصلاة في المقبرة وهي طية بين المقابر ولا وجه للفرق بين الصلاة على القبر والصلاة بين المقابر وجعل الأول مما لا يجزىء الصلاة وجعل الثاني مكروها فقط بل الكل منهي عنه ممنوع منه وإن كان في الصلاة على نفس القبر زيادة على الصلاة إليه والصلاة بين المقابر ولكن هذه الزيادة لم يعتبرها الشارع بل نهى عن الصلاة في المقبرة وذلك أعم من أن تكون الصلاة على نفس القبر أو بينه وبين قبر آخر أو إلي قبر إذ يصدق على الجميع أنه فعل الصلاة في المقبرة.
وإذا عرفت هذا علمت أنه كان يغني المصنف أن يقول: "ولا يجزىء في مقبرة" ويحذف ذكر بين المقابر.

الصفحة 104