كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

في الحديث وفي النائم قد يخرج منه شيء يؤذي المصلي وقد عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأنبجانية التي بعث بها إلي بعض الصحابة "إنها ألهته في صلاته" "البخاري "373"، مسلم "61، 36/556"] ، وهو حديث صحيح وقال في قرام عائشة "أميطي عني قرامك هذا فإنه لا تزال تصأويره تعرض لي في صلاتي" وهو في الصحيح [البخاري "1/374" [، ولا جامع بين هذا وبين الأحاديث الواردة فيما يقطع الصلاة كالكلب والمرأة الحائض فإن هذا الذي نحن بصدده في كراهة استقبال الشيء المستقر في قبلة المصلي وأحاديث القطع في الشيء الذي يمر بين يديه.
ويعارض ما ورد في المنع من استقبال النائم ما ثبت في الصحيح [البخاري "382"، مسلم "512" أحمد "6/126"، أبو دأود "712، 714"، النسائي "1/101 – 102"، ابن ماجة "956"] ،من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وعائشة معترضة في قبلته والظاهر من كونها معترضة أنها كانت نائمة. ولهذا أورد في لفظ في الصحيحين [البخاري "512"، مسلم "268/512"] : "فإذا أراد أن يوتر أيقظني".
ولا شك أن اشتغال قلب المصلي باستقبال المرأة أكثر من اشتغاله باستقبال الرجل وأما توسيع دائرة الكلام إلي كراهة استقبال الفاسق والسراج والنجس فليس كما ينبغي ولو قال المصنف رحمه الله ويكره استقبال ما يلهي لكان ذلك أخصر وأشمل وأوفق بالأدلة.
قوله: "وندب لمن في الفضاء اتخاذ سترة" الخ.
أقول: هذه السنة ثابتة بالأحاديث الصحيحة الكثيرة ولا وجه لتخصيص مشروعيتها بالقضاء فالأدلة أعم من ذلك والكلام على مقدار السترة ومقدار ما يكون بينها وبين المصلي مستوفى في كتب الحديث وشرحه وأكثر الأحاديث مشتملة على الأمر بها وظاهر الأمر الوجوب فإن وجد ما يصرف هذه الأوامر عن الوجوب إلي الندب فذاك ولا يصلح للصرف قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه لا يضره ما مر بين يديه" [أحمد "2/249"، ابن ماجة "943"] ، لأن تجنب المصلي لما يضره في صلاته ويذهب بعض أجرها واجب عليه.
[فصل
وأفضل أمكنتها المساجد وافضلها المسجد الحرام ثم مسجد رسول الله ثم مسجد بيت المقدس ثم الكوفة ثم الجوامع ثم ما شرف عامره.
ولا يجوز في المساجد إلا الطاعات غالبا ويحرم البصق فيها وفي هوائها واستعماله ما علا.
وندب توقي مظان الرياء إلا من أمنه وبه يقتدى] .
قوله: فصل: "وأفضل أمكنتها المساجد" الخ.

الصفحة 108