كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

وأخرج أبو دأود ["561"] ،والترمذي ["223"] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بشر المشائين في الظلم إلي المساجد بالنور التام يوم القيامة".
وورد أيضا "من حافظ على هذه الصلوات حيث ينادى لها" [مسلم "257/654"، أبو دأود "550"، النسائي "2/108"، ابن ماجة "777"] ، الحديث.
وورد أيضا "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد".
وورد أيضا "أن منتظر الصلاة في المساجد في صلاة" [البخاري "659، 3229"، مسلم "5/166 – 167"، أبو دأود "470"] .
وورد أيضا عدم الترخيص لمن سمع النداء في حضور المسجد الذي ينادى للصلاة فيه وثبت الحث على بناء المساجد والترغيب في ذلك.
وحديث "أحب البلاد إلي الله مساجدها" [مسلم "671"] .
وهذه أحاديث معروفة مشهورة وهي تدل على مزيد خصوصية في الفضيلة للمساجد التي يجتمع الناس إليها وينادى للصلاة فيها وهي أخص من كون كل بقاع الأرض مسجدا لحديث "جعلت لي الأرض مسجدا" فهذا هو الوجه لقول المصنف رحمه: "وأفضل أمكنتها المساجد".
وأما جعل مسجد الكوفة في الشرف بعد الثلاثة المساجد فلم يثبت ذلك بدليل ولا كان للكوفة مسجد في أيام النبوة وكان الأولى أن يجعل مكان مسجد الكوفة مسجد قباء ومسجد عبد القيس بعد أن يذكر شرف البقاع التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها.
وأما شرف الجوامع فإن كان لكثرة الجماعات فيها فليس ذلك بمختص بالمساجد بل صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ثم صلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ثم كذلك كلما كثر الجمع في الجماعة كانت أزكى كما وردت السنة بذلك.
وأما قوله: "ثم ما شرف عامره" فليس ذلك بمزية توجب كون المسجد أفضل من غيره فضلا عن كون الصلاة فيه أفضل منها في غيره وما اسمج ما قال الجلال رحمه الله ها هنا من أن الأرض قد جعلها الله مسجدا على السواء وهو أعظم من كل عظيم فترجيح وضع العبد على وضع الرب مما لا ينبغي أن ينسب إلي ذي فهم انتهى.
ولا يخفاك أن المساجد التي جعلها العباد هي أحد بقاع الأرض التي جعلها الله مسجدا وليست غيرها ولا خارجة عنها حتى يتم ما قاله وكان ينبغي للمصنف رحمه الله أن يجعل مكان ما شرف عامره الصلاة في فلاة من الأرض فإنه قد ورد أنها بخمسين صلاة وقد ذكرنا في شرح المنتقي عند ذكر مصنفه لهذا الحديث ما ينبغي الرجوع إليه لما اشتمل عليه من الفائدة.
قوله: "ولا يجوز في المساجد إلا الطاعات".
أقول: هي التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "إنما هي لذكر الله والصلاة" [البخاري"6025"، مسلم "100/284"، الترمذي "147"، النسائي "1/175"، ابن ماجة "528"، أحمد "3/110 – 111"] وفي

الصفحة 110