كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

والحديث الأول متأخر لأن هذا كان عند رؤيا عبد الله بن زيد للإذان وقيل إن هذا الحديث يدل على أن تولي المؤذن للإقامة إنما هو على طريق الندب فقط.
وأما كون المقيم متطهرا فلم يرد ما يدل على أن ذلك حتم وغايته ان تكون الإقامة مثل الإذان وقد تقدم الكلام فيه.
قوله: "فيكفي من صلى في ذلك المسجد تلك الصلاة".
أقول: مشروعية الإقامة لم تختص بشخص دون شخص ولم يرد فيها ما ورد في الإذان مما يدل على أنه يكفي إذان الواحد في البلد أو في المسجد كما قدمنا فإن ورد دليل يدل على أن إقامة الواحد تكفي غيره وتسقط بها المشروعية على كل من صلى في ذلك المسجد فلا بأس وإلا فالظاهر أن مشروعية الإقامة ثابتة على كل شخص سواء كان وحده أو في جماعة وسواء أقام غيره أو لم يقم.
وأما كونه لا يضر إحداثه بعدها فظاهر لأنه قد أقام وهو متطهر بل لا يضر إحداثه حالها لعدم ورود ما يدل على أن الطهارة واجبة على المقيم.
وأما كون غير المؤذن ينوب عنه في الإقامة فالظاهر أنها تجوز النيابة إذا قد حصل الرضا من المؤذن لأن تخصيصه بالإقامة إنما هو لكونه الأولى بذلك فإذا وقع الإذن جاز للغير أن يقيم سواء كان له عذر أو لا وأما البناء فإنما يكون للعذر لأن وقع الإقامة من اثنين مع عدم العذر بدعة فلو قال المصنف وتصح النيابة للإذن والبناء للعذر لكان صوابا.
[فصل
وهما مثنى إلا التهليل ومنهما حي على خير العمل والتثويب بدعة وتجب نيتهها ويفسدان بالنقص والتعكيس لا بترك الجهر ولا الصلاة بنسيانهما.
ويكره الكلام حالهما وبعدهما والنفل في المغرب بينهما] .
قوله: فصل: "وهما مثنى إلا التهليل".
أقول: قد ثبت تشفيع الإذان وإيثار الإقامة إلا لفظ الإقامة في الصحيحين [البخاري "605"، مسلم "2/378"] ، وغيرهما [أبو دأود "508"، الترمذي "193"، ابن ماجة "730"، أحمد "3/103"] . وثبت تربيع التكبير في أول الإذان من طرق حسنها البعض وصححها البعض وثبت التربيع في الشهادتين في صحيح مسلم ["6/379"، وغيره [أبو دأود "502"، الترمذي "193"،ابن ماجة "709"، النسائي "2/4"، أحمد "3/409"] . وروي من وجه صحيح تشفيع جميع ألفاظ الإقامة.
وورد في الإقامة من وجه صحيح ما يدل على إيتارها إلا التكبير في أولها وآخرها و"قد قامت الصلاة" فإن ذلك يكون مثنى مثنى.

الصفحة 124