كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

ومثله ما أخرجه أحمد وابن ماجة والطبراني وابن نافع عن السائب بن خباب مرفوعا: "لا وضوء إلا من ريح أو سماع" بأحمد "3/426"، ابن ماجة "56"] .
قوله: "وإمرار الماء على ما حلق أو قشر من أعضائه".
أقول: لا مستند لهذا التشريع العجيب إلا مجرد خيالات مختلة وآراء معتلة فالحكم بالندب لا يجوز إلا بدليل وإلا كان من التقول عن الشارع بما لم يقله.
[فصل:
ونواقضه ما خرج من السبيلين وإن قل أو ندر أو رجع وزوال العقل بأي وجه إلا خفقتى نوم ولو توالتا أو خفقات متفرقات وفيء نجس ودم أو نحوه سال تحقيقا أو تقديرا من موضع واحد في وقت واحد إلي ما يمكن تطهيره ولو مع الريق وقدر بقطرة والتقاء الختانين ودخول الوقت في حق المستحاضة ونحوها وكل معصية كبيرة غير الأصرار أو ورد الأثر بنقضها كالكذب والنميمة وغيبة المسلم وإذاه] .
قوله: "فصل: ونواقضه ما خرج من السبيلين".
أقول: أما انتفاضه بالبول والغائط فبالضرورة الدينية وأما ما عداهما فما وقع النص عليه كما في حديث "حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا" [البخاري "137"، مسلم "361"، النسائي "160"، ابن ماجة "513"] ، وهو في الصحيح من رواية جماعة من الصحابة فهو ناقض بالنص وما لم يقع النص عليه فهو لاحق بالريح أما بفحوى الخطاب أو بلحن الخطاب ولا يحتاج مع هذا إلي الاستدلال على تعميم نقض الخارج بما لم يثبت ففي هذا كفاية وهو يشمل ما قل أو ندر أو رجع.
قوله: "وزوال العقل بأي وجه".
أقول: وجه النقض أن من زوال عقله بنوم أو جنون أو إغماء لم يكن على يقين من بقاء طهارته التي تعتبر في صحة الصلاة ولا سيما وتلك الحالة مظنة لاسترخاء الأعضاء وعدم القدرة على دفع ما ينتقض به الوضوء وقد ثبت في النوم حديث "العين وكاء السه" [أبو دأود "203"، ابن ماجة "477"، أحمد "1/111"] ، من رواية علي ومعأوية مرفوعا وقد حسنه جماعة من الحفاظ.
فجعل النوم مظنة للنقض لأنه إذا نامت العين استطلق الوكاء كما في بعض الروايات ثم رتب صلى الله عليه وسلم على هذه المظنة الجزم على من نام بأن يتوضأ فقال: "فمن نام فليتوضأ" كما في بعض الروايات الخارجة من مخرج معمول به.
ولكنها وردت أحاديث قاضية بأنه لا ينتقض الوضوء بالنوم إلا إذا نام مضطجعا وهي تقوى

الصفحة 61