كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

بالتقاء الختانين كما صرح بذلك أبي بن كعب أخرجه أبو دأود ورجاله ثقات وكما في صحيح مسلم عن عائشة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل فقال صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل". [مسلم "88/349"، أحمد "6/47"، الترمذي "108 – 109"] .
وأيضا لو قدرنا عدم النسخ لكان الجمع بين هذه الأحاديث ممكن بأن نقال حديث: "الماء من الماء" دل بمفهومه على عدم إيجاب الغسل على من جامع ولم ينزل وحديث التقاء الختانين دل بمنطوقه على وجوبه ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم.
[فصل:
ويحرم بذلك القراءة باللسان والكتابة ولو بعض آية ولمس ما فيه ذلك غير مستهلك إلا بغير متصل به ودخول المسجد فإن كان فيه فعل الأقل من الخروج أو التيمم ثم يخرج ويمنع الصغيران ذلك حتى يغتسلا ومتى بلغا أعاد ككافر أسلم".
قوله: فصل: "ويحرم بذلك القراءة باللسان".
أقول: حديث علي عند أحمد وأهل السنن وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم "لم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة" [أحمد "1/83، 84، 107، 124، 134"، أبو دأود "229" الترمذي "146"، النسائي "265 – 266"، ابن ماجة "594"] ، قد صححه جماعة من الحفاظ ولم يأت من تكلم عليه بشيء يصلح لأدنى قدح ومن جملة من صححه الترمذي وابن حبان والحاكم وابن السكن والبغوي وعبد الحق.
وفي لفظ منه للنسائي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه من القرآن شيء ليس الجنابة. [النسائي "265"] .
وفي بعض ألفاظ الحديث "كان يقرأ القرآن في كل حال إلا الجنابة".
ولهذا الحديث شواهد تقوية وتشد من عضده وإن كان صالحا للاحتجاج به بدونها ولكن غاية ما يفيده الحديث كراهة القراءة للقرآن من الجنب ولا يفيد التحريم.
نعم أخرج الترمذي وابن ماجة من حديث ابن عمر مرفوعا: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن" [الترمذي "131"، ابن ماجة "595"] ، يدل على التحريم وتضعيفه بإسماعيل بن عياش مندفع لو روده من طريق غيره وهو أيضا لم يقدح فيه بما يوجب عدم صلاحية حديثه للاحتجاج به قال المنذري في تخريجه لأحاديث المهذب هذا الحديث حسن وإسماعيل تكلم فيه وأثنى عليه جماعة من الأئمة انتهى.
ويؤيده ما أخرجه أبو يعلى من حديث علي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا

الصفحة 68