كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

مع التعزير له ولها إن كانا معتقدين صحة ذلك وكذلك يعزر إن فتن مسلما إذا لم تكن الفتنة له بشيء مما يرجع إلى الطعن في الدين فهكذا ينبغي أن يقال.
[فصل
ودار الإسلام ما ظهرت فيه الشهادتان والصلاة ولم تظهر فيها خصلة كفرية ولو تأويلا إلا بجوار وإلا فدار كفر وإن ظهرتا فيها خلاف م وتجب الهجرة عنها وعن دار الفسق إلى خلي عما هاجر لأجله أو ما فيه دونه بنفسه وأهله إلا لمصلحة أو عذر ويتضيق بأمر الإمام] .
قوله: "فصل ودار الإسلام" الخ.
أقول: الاعتبار بظهور الكلمة فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام ولا يضر ظهور الخصال الكفرية فيها لأنها لم تظهر بقوة الكفار ولا بصولتهم كما هو مشاهد في أهل الذمة من اليهود والنصارى والمعاهدين الساكنين في المدائن الإسلامية وإذا كان الأمر العكس فالدار بالعكس.
وأما قوله: "ولو تأويلا" فباطل من القول وخطل من الرأي فإن هذه المسائل التي اختلف فيها أهل الإسلام وكفر بعضهم بعضا تعصبا وجرأة على الدين وتأثيرا للأهوية لو كان ظهورها في الدار مقتضيا لكونها دار الكفر لكانت الديار الإسلامية بأسرها ديار كفر فإنها لا تخلوا مدينة من المدائن ولا قرية من القرى من ذاهب إلى ما تذهب إليه الأشعرية أو المعتزلة أو الماتريدية وقد اعتقدت كل طائفة من هذه الطوائف ما هو كفر تأويل عند الطائفة الأخرى وكفاك من شر سماعه والحق أنه لا كفر تأويل أصلا وليس هذا موضع البسط لهذه المسألة فخذها كلية تنج بها من موبقات لا تحصى ومهلكات لا تحصر وسيأتي عند الكلام على قوله والمتأول كالمرتد ما ينبغي أن يضم إلى ما هنا لتكمل الفائدة.
واعلم أن التعرض لذكر دار الإسلام ودار الكفر قليل الفائدة جدا لما قدمنا لك في الكلام على دار الحرب وأن الكافر الحربي مباح الدم والمال على كل حال ما لم يؤمن من المسلمين وأن مال المسلم ودمه معصومان بعصمة الإسلام في دار الحرب وغيرها وإن كانت الفائدة هي ما تقدم من كونهم يملكون علينا ما دخل دراهم قهرا فقد أوضحنا لك هنالك أنهم لا يملكون علينا شيئا وإن كانت الفائدة وجوب الهجرة عن دار الكفر فليس هذا الوجوب مختصا بدار الكفر بل هو شريعة قائمة وسنة ثابتة عند استعلان المنكر وعدم الاستطاعة للقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم وجود من يأخذ على أيدي المنتهكين لمحارم الله فحق على العبد

الصفحة 976