كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

[فصل
ويدخل الغصب للإنكار ويهجم من غلب في ظنه المنكر ويريق عصيرا ظنه خمرا ويضمن إن أخطأ وخمرا رآها له أو لمسلم ولو بنية الخل وخلا عولج من خمر ويزال لحن غير المعنى في كتب الهداية وتحرق دفاتر الكفر إن تعذر تسويدها وردها وتضمن وتمزق وتكسر آلات الملاهي اللاتي لا توضع في العادة إلا لها وإن نفعت في مباح ويرد من المكسور ماله قيمة إلا عقوبة وبغير تمثال حيوان كامل مستقل مطلقا أو منسوج أو ملحم إلا فراشا أو غير مستعمل لا المطبوع مطلقا وينكر غيبة من ظاهره الستر وهي أن تذكر الغائب بما فيه لنقصه بما لا ينقص دينه قيل أو ينقصه إلا إشارة أو جرحا أو شكا ويعتذر المغتاب إليه إن علم ويؤذن من علمها بالتوبة ككل معصية] .
قوله: "فصل: ويدخل الغصب للإنكار".
أقول: وجه هذا أن النهي عن المنكر فرض وإذا لم يم إلا بدخول المنزل وجب ذلك لأن ما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه وهذا المنزل الذي فيه المنكر إن كان لفاعلي المنكر فلا حرج في دخوله قط وإن كان لغيرهم فليس في دخوله من المعصية ما يوازن بعض ما في ترك إنكار المنكر من المعصية ولا شك ولا ريب أن مفسدة ترك إنكار المنكر يجب تقديمها على مفسدة دخول المكان الغصب لإجماع أهل العلم على تأثير أعظم المفسدتين على اخفهما فالقول بأن إنكار المنكر بالدخول معارض بمثله من دخول الغصب جمود وغفلة.
قوله: "ويهجم من غلب في ظنه المنكر".
أقول: أما مجرد الظن فلا يكفي في مثل هذا بل لا بد من العلم على ما فيه من التجسس المنهي عنه بنص القرآن الكريم ولكن لمصلحة إنكار المنكر أرجح من مصلحة ترك التجسس ومفسدة ترك إنكار المنكر أشد من مفسدة التجسس وأيضا يمكن الجمع بأن تحريم التجسس مقيد بعدم العلم بوقوع المنكر لأنه لا يسمى تجسسا إلا إذا كان فاعله على غير بصيرة من أمره وقد دخل صلى الله عليه وسلم على حمزة لما جب أسنمة شارفي علي بن أبي طالب وقعد في بيته يشرب وتغنيه القينات كما هو ثابت في الصحيح.
قوله: "ويريق عصير ظنه خمرا".
أقول: وجهه كون ذلك مظنة للمنكر ولكن مجرد الظن لا يغني في مثل هذا بل لا يجوز الإقدام على الإراقة إلا بعلم فإذا علم بذلك وجبت عليه الإراقة لأن بقاء الخمر مع وجود من يجوز عليه شربها من الفسقة واجب وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإراقة الخمور [البخاري "5582، 5583"] ، عند نزول تحريمها وفعل ذلك كل من عنده شيء منها فهذه سنة قائمة وشريعة ثابتة والقول بأن المحرم إنما هو شربها لا عينها كلام لا حاصل له ولا يدل عليه رواية ولا دراية

الصفحة 985