كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

تصليب إلا نقضه"، وفي الصحيحين [البخاري "5954، 5957، 5961"، مسلم "2105"] ، وغيرهما من حديث عائشة أنها نصبت سترا وفيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه قالت فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما وورد ما يدل على عدم تحريم تصوير غير الحيوان ومن ذلك ما أخرجه أحمد "2/305، 478"، وأبو داود "4158"،والترمذي 2806"، وصححه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبريل الليلة فقال: إني كنت أتيتك الليلة البارحة فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في بابا لبيع يقطع حتى يصير كهيئة الشجرة"، الحديث فإن قوله: "حتى يصير كهيئة الشجرة"، يدل على جواز تصوير ما عدا الحيوان ومن ذلك ما في الصحيحين [البخاري "2225، 5963"، مسلم "2110"، وغيرهما من حديث ابن عباس وجاءه رجل فقال إني أصور هذه التصاوير فأفتني فيها؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار يجعل بكل صورة صورها نفسا يعذبه في جهنم فإن كنت لا بد فاعلا فاجعل الشجرة وما لا نفس له"، ولا يخفاك أن قوله: "يجعل له بكل صورة صورها نفسا" يدل على أن هذا الوعيد هو في تصوير حيوان وأما قول ابن عباس فإن كنت لا بد فاعلا فاجعل الشجرة وما لا نفس له فليس هو من الرواية بل من قوله واقتصاره صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية على الوعيد على تصوير ما له نفس لا ينافي وجوب تقييد ما كان على غير صور الحيوانات من سائر المخلوقات كما يفيد ذلك ما تقدم من حديثي عائشة لكن حديث أبي هريرة المذكور قد دل على جواز تصوير الشجر فيمكن الجمع بأن التصالب فيها صورة حيوان وهكذا التصاوير المذكورة في حديث عائشة الآخر فيكون المنع متوجها إلى تصوير الحيوان فقط.
وأما قوله: "أو منسوج أو ملحم" فوجهه أنه يصدق على ذلك أنه تصوير ولا يصلح لتخصيص بعض صور التصوير ما ورد عن بعض الصحابة من قوله إلا رقما من ثوب كما يصلح قول ابن عباس لتخصيص التحريم بما هو من الحيوانات.
وأما قوله: "إلا فراشا" فوجهه ما تقدم في حديث عائشة أنها جعلت من الستر الذي نزعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسادتين وكان رسول الله يرتفع عليهما وفي لفظ لأحمد ["6/103"] : "فلقد رأيته متكئا على أحدهما وفيه صورة".
قوله: "وينكر غيبة من ظاهره الستر" الخ.
أقول: الغيبة قد تطابق على تحريمها الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله عزوجل: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات: 12] ، فهذا نهي عام لكل ما يطلق عليه اسم الغيبة ثم ذكر الله سبحانه لذلك مثالا يؤكد تحريمها ويشدد إثمها فقال: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} [الحجرات: 12] ، فإن لحم الإنسان مستكره من حيث الطبع للنوعية الواقعة بين الأفراد الإنسانية ولو كان لحم عدو فكيف وهو لحم أخ فكيف إذا كان ميتا.
وأما السنة فإن الإحاديث الصحيحة القاضية بتحريم الغيبة الثابتة في الصحيحين وغيرهما ومن ألفاظهما الثابتة في الصحيح [مسلم "2589"] ، أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال: "الغيبة ذكرك

الصفحة 987