كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار

كفرا أو فسقا بحسب الحال "ص بالله" أو يحالفه ويناصره انتهى.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين] .
قوله: "فصل: ويجب إعانة الظالم على إقامة معروف أو إزالة منكر".
أقول: قد قررنا فيما سبق أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الفرائض الإسلامية وأهم الواجبات الدينية والظالم إذا قام بذلك فقد قام بحق وإذا احتاج إلى من يعينه على ذلك كانت إعانته واجبة لأنها إعانة على حق وقيام لأجل الحق لا لأجل الظالم نفسه ومعلوم أن الحق لا يخفى فهذا المعين للظالم على الحق قد دخل تحت قول المصنف فيما سبق فصل ويجب على كل مكلف الأمر بما علمه معروفا والنهي عما علمه منكرا لأنه مع حاجة الظالم القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى إعانته قد صار مكلفا بذلك لتكليفه به ابتداء فلا حاجة إلى ذكر هذه الصورة بخصوصها ها هنا ومن هذا القبيل إعانة الأقل ظلما من الفسقة على الأكثر ظلما إذا كان يندفع بهذه الإعانة ظلم الأكثر ظلما أو بعضه فإن هذا داخل تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأما قوله: "مهما وقف على الرأي" فوجهه أنه إذا لم يقف على رأي المعينين له من المؤمنين خبط في الضلالة لكن ليس المطلوب إلا توقفه على رأيهم في نفس دفع ظلم الأكثر ظلما إلا في جميع أموره فإن المفروض أنه ظالم وعليهم الإنكار عليه في ظلمه الخاص به بما يجب عليهم وما يستطيعونه.
وأما قوله: "ما لم يؤد إلى قوة ظلمه" فليس له كثير فائدة لأن المفروض أنه أقل ظلما وأنه يندفع بقيامه وإعانة المعينين له ظلم الأكثر ظلما أو بعضه فلو كانت هذه الإعانة مؤدية إلى قوة ظلمه بحيث يصير مثل الظالم الآخر أو أكثر ظلما منه كان في إعانته إنشاء ظلم لم يكن وإحداث منكر لم يقع وترك التعرض لذكر مثل هذا أقوم من التعرض لدفع منكر هو واقع لا بسبب إعانتهم لفاعله لأنهم مشاركون في هذا الظلم من التعرض لدفع منكر هو واقع لا بسبب إعانتهم لفاعله لأنهم مشاركون في هذا الظلم لا في ذاك.
قوله: "ويجوز إطعام الفاسق وأكل طعامه".
أقول: هذا الجواز معلوم لا شك فيه وقد جاز في الكفار قال الله عزوجل: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] ، وقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم من طعام الكفار كما في الشاة التي أهدتها له اليهودية بعد أن طبختها لكن إذا كانت مؤاكلة الفاسق تؤدي إلى فتور المؤمن عن القيام بما يجب عليه إنكاره على الفاسق أو تؤدي إلى تجريء الفاسق على فسقه كان هذا وجها للمنع من هذه الحيثية لا من حيثية كونه فاسقا.
قوله: "والنزول عليه" الخ.
أقول: الدليل على من زعم أنه لا يجوز النزول على الفاسق ولا إنزاله ولا محبته فإنه رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وما هو فيه من الفسق يجب إنكاره عليه بما

الصفحة 990