كتاب أصناف المغرورين

عند الله من أن يبتليهم بذلك.. وإنما يبتلى به العوام دون من بلغ مبلغهم فى العلم.. فأما هم فإنهم أعظم عند الله من أن يبتليهم.. فظهرت عليهم مخايل الكبر والرياسة.. وطلبوا العلو والشرف.. وغرورهم أنهم ظنوا ذلك ليس تكبرا.. وإنما هو عز الدين، وإظهار لشرف العلم.. ونصرة الدين.. وغفلوا عن فرح إبليس به.. ونصرة النبي صلّى الله عليه وسلّم لماذا كانت؟.. وبماذا أرغم الكافرين؟ وغفلوا عن تواضع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.. وتذللهم وفقرهم ومسكنتهم حتى عوتب عمر رضى الله عنه فى بذاذته عند قدومه إلى الشام فقال: إنا قوم عزنا الله بالإسلام.. ولا نطلب العزة فى غيره..
ثم هذا المغرور يطلب العز للدين بالثياب الرفيعة.. ويزعم أنه يطلب عز الدين وشرفه.. ومهما أطلق اللسان فى الحسد فى أقرانه أو فيمن رد عليه شيئا من كلامه لم يظن بنفسه أن ذلك حسد.. ويقول: إنما هو غضب للحق ورد على المبطل فى عدوانه وظلمه.. وهذ مغرور.. فإنه لو طعن في غيره من العلماء من أقرانه ربما لم يغضب، بل ربما يفرح - وإن أظهر الغضب عند الناس بأنه يحبه.. وربما يظهر العلم ويقول: غرضى به أن أفيد الخلق.. وهو هراء لأنه لو كان غرضه صلاح الخلق لأحب صلاحهم على يد غيره ممن هو مثله أو فوقه.
وربما يدخل على السلطان ويتودد إليه ويثنى عليه.. فإذا سئل عن

الصفحة 39