كتاب المفردات في غريب القرآن

أمّ
الأُمُّ بإزاء الأب، وهي الوالدة القريبة التي ولدته، والبعيدة التي ولدت من ولدته.
ولهذا قيل لحوّاء: هي أمنا، وإن كان بيننا وبينها وسائط. ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه أمّ، قال الخليل: كلّ شيء ضمّ إليه سائر ما يليه يسمّى أمّا «1» ، قال تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ [الزخرف/ 4] «2» أي: اللوح المحفوظ وذلك لكون العلوم كلها منسوبة إليه ومتولّدة منه. وقيل لمكة أم القرى، وذلك لما روي: (أنّ الدنيا دحيت من تحتها) «3» ، وقال تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها [الأنعام/ 92] ، وأمّ النجوم: المجرّة «4» . قال: 23-
بحيث اهتدت أمّ النجوم الشوابك
«5» وقيل: أم الأضياف وأم المساكين «6» ، كقولهم: أبو الأضياف «7» ، ويقال للرئيس: أمّ الجيش كقول الشاعر:
24-
وأمّ عيال قد شهدت نفوسهم
«8» وقيل لفاتحة الكتاب: أمّ الكتاب لكونها مبدأ الكتاب، وقوله تعالى: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ
[القارعة/ 9] أي: مثواه النار فجعلها أمّا له، قال: وهو نحو مَأْواكُمُ النَّارُ [الحديد/ 15] ، وسمّى الله تعالى أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فقال: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب/ 6] لما تقدّم في الأب، وقال: ابْنَ أُمَ
[طه/ 94] ولم يقل: ابن أب، ولا أمّ له يقال على سبيل الذم، وعلى سبيل المدح،
__________
(1) من أول الباب إلى هاهنا نقله الفيروزآبادي حرفيا في البصائر 2/ 111، وانظر العين 8/ 433.
(2) وانظر: المخصص 13/ 181. [.....]
(3) وهذا مرويّ عن قتادة كما أخرجه عنه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر. راجع الدر المنثور 3/ 316.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف 5/ 28، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، وهو صحابي، وابن جرير 1/ 548 من كلام ابن عباس.
(4) راجع: الجمهرة 1/ 20، واللسان (أمم) 12/ 32.
(5) هذا عجز بيت لتأبّط شرّا، وصدره:
يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي
وهو في ديوانه ص 156، والجمهرة 1/ 11، وشرح الحماسة للتبريزي 1/ 49، والمخصص 13/ 181.
(6) وأمّ المساكين كنية زينب بنت خزيمة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، سميت بذلك لكثرة معروفها. راجع سير أعلام النبلاء 2/ 218.
(7) أبو الأضياف هو إبراهيم الخليل عليه السلام، فهو أول من أضاف الضيف.
(8) الشطر للشنفرى، وعجزه:
إذا أطعمتهم أو تحت وأقلّت
وهو في الجمهرة 1/ 21، والمفضليات ص 110، واللسان (أمم) .

الصفحة 85